تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٩
موصوفة «سبل السلام» أي طرق السلامة من العذاب والنجاة من العقاب أو سبل الله تعالى وهي شريعته التي شرعها للناس وقيل هو مفعول ثاني ليهدي والحق ان انتصابه بنزع الخافض على طريقة قوله تعالى واختار موسى قومه وانما يعدي إلى الثاني بإلى أو بالام كما في قوله تعالى ان هذا القران يهدي للتي هي أقوم «ويخرجهم» الضمير لمن والجمع باعتبار المعنى كما ان الافراد في اتبع اعتبار اللفظ من «الظلمات» أي ظلمات فنون الكفر والظلال «إلى النور» إلى الايمان «بإذنه» بتيسيره أو بإرادته «ويهديهم إلى صراط مستقيم» هو أقرب الطرق إلى الله تعالى ومؤد اليه لا محالة وهذه الهداية عين الهداية إلى سبل السلام وانما عطفت عليها تنزيلا للتغاير الوصفي منزلة التغاير الذاتي كما في قوله تعالى ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين امنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» أي لا غير كما يقال الكرم هو التقوى وهم اليعقوبية القائلون بأنه تعالى قد يحل في بدن انسان معين أو في روحه وقيل لم يصرح به أحد منهم لكن حيث اعتقدوا اتصافه بصفات الله الخاصة وقد اعترفوا بان الله تعالى موجود فلزمهم القول بان المسيح لا غير وقيل لما زعموا ان فيه لاهوتا وقالوا لا اله الا واحد لزمهم ان يكون هو المسيح فنسب إليهم لازم قولهم توضيحا لجهلهم وتفضيحا لمعتقدهم «قل» أي تبكيتا لهم واظهارا لبطلان قولهم الفاسد وإلقاما لهم الحجر والفاء في قوله تعالى «فمن يملك من الله شيئا» فصيحة ومن استفهامية للإنكار والتوبيخ والملك الضبط والحفظ التام عن حزم ومن متعلقة به على حذف المضاف أي ان كان الامر كما تزعمون فمن يمنع من قدرته تعالى وارادته شيئا وحقيقته فمن يستطيع ان يمسك شيئا منها «إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا» ومن حق من يكون الها ان لا يتعلق به ولا بشأن من شؤونه بل بشيء من الموجودات قدرة غيرة بوجه من الوجوه فضلا عن ان يعجز عن دفع شيء منها عند تعلقها بهلاكه فلما كان عجزه بينة لا ربي فيه ظهر كونه بمعزل مما تقولوا في حقه والمراد بالاهلاك الأمانة والاعدام مطلقا لا بطريق السخط والغضب واظهار المسيح على الوجه الذي نسبوا اليه الألوهية في مقام الاضمار لزيادة التقرير والتنصيص على انه من تلك الحيثية بعينها داخل تحت قهره وملكوته تعالى ونفى المالكية المذكورة بالاستفهام الانكاري عن كل أحد مع تحقق الالزام والتبكيت بنفيها عن المسيح فقط بان يقال فهل يملك شيئا من الله ان أراد الخ لتحقيق الحق بنفي الألوهية عن كل ما عداه سبحانه واثبات المطلوب في ضمنه بالطريق البرهان فان انتفاء المالكية المستلزم باستحالة الألوهية متى ظهر بالنسبة إلى الكل ظهر بالنسبة إلى المسيح على أبلغ وجه وآكده فيظهر استحالة الألوهية قطعا وتعميم إرادة الاهلاك للكل مع حصول ما ذكر من التحقيق نقصرها عليه بان يقال فمن يملك من الله شيئا ان
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302