موصوفة «سبل السلام» أي طرق السلامة من العذاب والنجاة من العقاب أو سبل الله تعالى وهي شريعته التي شرعها للناس وقيل هو مفعول ثاني ليهدي والحق ان انتصابه بنزع الخافض على طريقة قوله تعالى واختار موسى قومه وانما يعدي إلى الثاني بإلى أو بالام كما في قوله تعالى ان هذا القران يهدي للتي هي أقوم «ويخرجهم» الضمير لمن والجمع باعتبار المعنى كما ان الافراد في اتبع اعتبار اللفظ من «الظلمات» أي ظلمات فنون الكفر والظلال «إلى النور» إلى الايمان «بإذنه» بتيسيره أو بإرادته «ويهديهم إلى صراط مستقيم» هو أقرب الطرق إلى الله تعالى ومؤد اليه لا محالة وهذه الهداية عين الهداية إلى سبل السلام وانما عطفت عليها تنزيلا للتغاير الوصفي منزلة التغاير الذاتي كما في قوله تعالى ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين امنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» أي لا غير كما يقال الكرم هو التقوى وهم اليعقوبية القائلون بأنه تعالى قد يحل في بدن انسان معين أو في روحه وقيل لم يصرح به أحد منهم لكن حيث اعتقدوا اتصافه بصفات الله الخاصة وقد اعترفوا بان الله تعالى موجود فلزمهم القول بان المسيح لا غير وقيل لما زعموا ان فيه لاهوتا وقالوا لا اله الا واحد لزمهم ان يكون هو المسيح فنسب إليهم لازم قولهم توضيحا لجهلهم وتفضيحا لمعتقدهم «قل» أي تبكيتا لهم واظهارا لبطلان قولهم الفاسد وإلقاما لهم الحجر والفاء في قوله تعالى «فمن يملك من الله شيئا» فصيحة ومن استفهامية للإنكار والتوبيخ والملك الضبط والحفظ التام عن حزم ومن متعلقة به على حذف المضاف أي ان كان الامر كما تزعمون فمن يمنع من قدرته تعالى وارادته شيئا وحقيقته فمن يستطيع ان يمسك شيئا منها «إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا» ومن حق من يكون الها ان لا يتعلق به ولا بشأن من شؤونه بل بشيء من الموجودات قدرة غيرة بوجه من الوجوه فضلا عن ان يعجز عن دفع شيء منها عند تعلقها بهلاكه فلما كان عجزه بينة لا ربي فيه ظهر كونه بمعزل مما تقولوا في حقه والمراد بالاهلاك الأمانة والاعدام مطلقا لا بطريق السخط والغضب واظهار المسيح على الوجه الذي نسبوا اليه الألوهية في مقام الاضمار لزيادة التقرير والتنصيص على انه من تلك الحيثية بعينها داخل تحت قهره وملكوته تعالى ونفى المالكية المذكورة بالاستفهام الانكاري عن كل أحد مع تحقق الالزام والتبكيت بنفيها عن المسيح فقط بان يقال فهل يملك شيئا من الله ان أراد الخ لتحقيق الحق بنفي الألوهية عن كل ما عداه سبحانه واثبات المطلوب في ضمنه بالطريق البرهان فان انتفاء المالكية المستلزم باستحالة الألوهية متى ظهر بالنسبة إلى الكل ظهر بالنسبة إلى المسيح على أبلغ وجه وآكده فيظهر استحالة الألوهية قطعا وتعميم إرادة الاهلاك للكل مع حصول ما ذكر من التحقيق نقصرها عليه بان يقال فمن يملك من الله شيئا ان
(١٩)