تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٤٤
فيه المراد بالليل والنهار الجنس المتحقق في كل فرد من أفرادهما بالتوفي والبعث الموجدين فيها يتحقق قضاء الأجل المسمى المترتب عليها لا في بعضها والمراد بعلمه تعالى ذلك علمه قبل الجرح كما يلوح به تقديم ذكره على البعث أي يعلم ما تجرحون بالنهار وصيغة الماضي الجلالة على التحقق وتخصيص التوفي بالليل والجرح بالنهار مع تحقق كل منهما فيما خص بالآخر للجرى على سنن العادة «ثم يبعثكم فيه» أي يوقظكم في النهار عطف على يتوفاكم وتوسيط قوله تعالى ويعلم الخ بينهما لبيان ما في بعثهم من عظيم الاحسان إليهم بالتنبيه على أن ما يكتسبونه من السيئات مع كونها موجبة لإبقائهم على التوفي بل لاهلاكهم بالمرة يفيض عليهم الحياة ويمهلهم كما ينبيء عنه كلمة التراخي كأنه قيل هو الذي يتوفاكم في جنس الليالي ثم يبعثكم في جنس النهر مع علمه بما ستجرحون فيها «ليقضى أجل مسمى» معين لكل فرد بحيث لا يكاد يتخطى أحد ما عين له طرفة عين «ثم إليه مرجعكم» أي رجوعكم بالموت لا إلى غيره أصلا «ثم ينبئكم بما كنتم تعملون» بالمجازاة بأعمالكم التي كنتم تعملونها في تلك الليالي والأيام وقيل الخطاب مخصوص بالكفرة والمعنى أنكم ملقون كالجيف بالليل كاسبون للآثام بالنهار وأنه تعالى مطلع على أعمالكم يبعثكم الله من القبور في شأن ما قطعتم به أعماركم من النوم بالليل وكسب الآثام بالنهار ليقضي الأجل الذي سماه وضربه لبعث الموتى وجزائهم على أعمالهم وفيه ما لا يخفى من التكلف والاخلال لافضائه إلى كون البعث معللا بقضاء الأجل المضروب له «وهو القاهر فوق عباده» أي هو المتصرف في أمورهم لا غيره يفعل بهم ما يشاء إيجادا وإعداما وإحياء وإماتة وتعذيبا وإثابة إلى غير ذلك «ويرسل عليكم» خاصة أيها المكلفون «حفظة» من الملائكة وهم الكرام الكاتبون وعليكم متعلق بيرسل لما فيه من معنى الاستيلاء وتقديمه على المفعول الصريح لما مر مرارا من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر وقيل متعلق بمحذوف هو حال من حفظه إذ لو تأخر لكان صفة أي كائنين عليكم وقيل متعلق بحفظة والمحفوظ محذوف على كل حال أي يرسل عليكم ملائكة يحفظون أعمالكم كائنة ما كانت وفي ذلك حكمة جميلة ونعمة جليلة لما أن المكلف إذا علم أن أعماله تحفظ وتعرض على رؤوس الأشهاد كان ذلك أزجر له عن تعاطي المعاصي والقبائح وأن العبد إذا وثق بلطف سيده واعتمد على عفوه وستره لم يحتشمه احتشامه من خدمه الواقفين على أحواله وحتى في قوله تعالى «حتى إذا جاء أحدكم الموت» هي التي يبتدأ بها الكلام وهي مع ذلك تجعل ما بعدها من الجملة الشرطية غاية لما قبلها كأنه قيل ويرسل عليكم حفظة يحفظون أعمالكم مدة حياتكم حتى إذا انتهت مدة أحدكم كائنا من كان وجاءه أسباب الموت ومباديه «توفته رسلنا» الآخرون المفوض إليهم ذلك وهم ملك الموت وأعوانه وانتهى هناك حفظ الحفظة وقرئ توفاه ماضيا أو مضارعا بطرح إحدى التامين «وهم» أي الرسل «لا يفرطون» أي بالتواني والتأخير وقرئ مخففا من الإفراط أي
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302