تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٤٢
اتباعه والبينة الحجة الواضحة التي تفصل بين الحق والباطل والمراد بها القرآن والوحي وقيل هو الحجج العقلية أو ما يعمها ولا يساعده المقام والتنوين للتفخيم وقوله تعالى «من ربي» متعلق بمحذوف هو صفة لبينة مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم من التشريف ورفع المنزلة ما لا يخفى وقوله تعالى «وكذبتم به» إما جملة مستأنفة أو حالية بتقدير قد أو بدونه جئ بها الاستقباح مضمونها واستبعاد وقوعه مع تحقق ما يقتضي عدمه من غاية وضوح البينة والضمير المجرور اللبينة والتذكير باعتبار المعنى لمراد والمعنى إني على بينة عظيمة كائنة من ربي وكذبتم بها وبما فيها من الأخبار التي من جملتها الوعيد بمجىء العذاب وقوله تعالى «ما عندي ما تستعجلون به» استئناف مبين لخطئهم في شأن ما جعلوه منشأ لتكذيبهم بها وهو عدم مجىء ما وعد فيها من العذاب الذي كانوا يستعجلونه بقولهم متى هذا الوعد إن كنتم صادقين بطريق الاستهزاء أو بطريق الإلزام على زعمهم أي ليس ما تستعجلونه من العذاب الموعود في القرآن وتجعلون تأخره ذريعة إلى تكذيبه في حكمي وقدرتي حتى أجىء به وأظهر لكم صدقه أو ليس أمره بمفوض إلى «إن الحكم» أي ما الحكم في ذلك تعجيلا وتأخيرا أو ما الحكم في جميع الأشياء فيدخل فيه ما ذكر دخولا أوليا «إلا لله» وحده من غير أن يكون لغيره دخل ما فيه بوجه من الوجوه وقوله تعالى «يقص الحق» أي يتبعه بيان لشئونه تعالى في حكم المعهود أو في جميع أحكامه المنتظمة له انتظاما أوليا أي لا يحكم إلا بما هو حق فيثبت حقيقة التأخير وقرئ يقضي فانتصاب الحق حينئذ على المصدرية أي يقضي القضاء الحق أو على المفعولية أي يصنع الحق ويدبره من قولهم قضى الدرع إذا صنعها وأصل القضاء الفصل بتمام الأمر واصل الحكم المنع فكأنه يمنع الباطل عن معارضة الحق أو الخصم عن التعدي على صاحبه «وهو خير الفاصلين» اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله مشير إلى أن قص الحق ههنا بطريق خاص هو الفصل بين الحق والباطل هذا هو الذي تستدعيه جزالة التنزيل وقد قيل إن المعنى إني من معرفة ربي وأنه لا معبود سواه على حجة واضحة وشاهد صدق وكذبتم به أنتم حيث أشركتم به تعالى غيره وأنت خبير بأن مساق النظم الكرين فيما سبق وما لحق على وصفهم بتكذيب آيات الله تعالى بسبب عدم مجىء العذاب الموعود فيها فتكذيبهم به سبحانه في أمر التوحيد مما لا تعلق له بالمقام أصلا «قل لو أن عندي» أي في قدرتي ومكنتي «ما تستعجلون به» من العذاب الذي ورد به الوعيد بأن يكون أمره مفوضا إلى من جهته تعالى «لقضي الأمر بيني وبينكم» أي بأن ينزل ذلك عليكم إثر استعجالكم بقولكم متى هذا الوعد ونظائره وفي بناء الفعل للمفعول من الإيذان بتعين الفاعل الذي هو الله تعالى وتهويل الأمر ومراعاة حسن الأدب ما لا يخفى فما قيل في تفسيره لأهلكتكم عاجلا غضبا لربي ولتخلصت منكم سريعا بمعزل من توفية المقام حقه وقوله تعالى «والله أعلم بالظالمين» اعتراض مقرر لما أفادته الجملة الامتناعية من انتفاء كون أمر العذاب مفوضا إليه صلى الله عليه وسلم المستتبع لانتفاء قضاء الأمر وتعليل له والمعنى
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302