تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٥٥
تعالى شيئا من إصابة مكروه من جهتها وذلك إنما هو من جهته تعالى من غير دخل لآلهتكم فيه أصلا وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام إظهار منه لانقياده لحكمه سبحانه وتعالى واستسلام لأمره واعتراف بكونه تحت ملكوته وربوبيته وقوله تعالى «وسع ربي كل شيء علما» كأنه تعليل للاستثناء أي أحاط بكل شيء علما فلا يبعد أن يكون في علمه تعالى أن يحيق بي مكروه من قبلها بسبب من الأسباب وفي الإظهار في موضع الإضمار تأكيد للمعنى المذكور واستلذاذ بذكره تعالى «أفلا تتذكرون» أي أتعرضون عن التأمل في أن آلهتكم جمادات غير قادرة على شيء ما من نفه ولا ضر فلا تتذكرون أنها غير قادرة على إضرارى وفي إيراد التذكر دون التفكر ونظائره إشارة إلى أن أمر أصنامهم مركوز في العقول لا يتوقف إلى على التذكر وقوله تعالى «وكيف أخاف ما أشركتم» استئناف مسوق لنفي الخوف عنه عليه السلام بحسب زعم الكفرة بالطريق الإلزامي كما سيأت بعد نفيه عنه بسبب الواقع ونفس الأمر والاستفهام لإنكار الوقوع ونفيه بالكلية كما في قوله تعالى كيف يكون للمشركين عهد عند الله الآية لإنكار الواقع واستبعاده مع وقوعه كما في قوله تعالى كيف تكفرون بالله إلخ في توجيه الإنكار إلى كيفية الخوف من المبالغة ما ليس في توجيهه إلى نفسه بأن يقال أأخاف لما أن كل موجود يجب أن يكون وجوده على حال من الأحوال وكيفية من الكيفيات قطعا فإذا انتفى جميع أحواله وكيفياته فقد انتفى وجوده من جميع الجهات بالطريق البرهاني وقوله تعالى «ولا تخافون أنكم أشركتم بالله» حال من ضمير أخاف بتقدير مبتدأ والواو كافة في الربط من غير حاجة إلى الضمير العائد إلى ذي الحال وهو مقرر لإنكار الخوف ونفيه عنه عليه السلام ومفيد لاعترافهم بذلك فإنهم حيث لم يخافوا في محل الخوف فلأن لا يخاف عليه السلام في محل الأمن أولى وأحرى أي وكيف أخاف أنا ما ليس في حيز الخوف أصلا وأنتم لا تخافون غائلة ما هو أعظم المخوفات وأهولها وهو إشراككم بالله الذي ليس كمثله شيء في الأرض ولا في السماء ما هو من جملة مخلوقاته وإنما عبر عنه بقوله تعالى «ما لم ينزل به» أي بإشراكه «عليكم سلطانا» على طريقة التهكم مع الإيذان بأن الأمور الدينية لا يعول فيها إلا على الحجة المنزلة من عند الله تعالى وفي تعليق الخوف الثاني بإشراكهم من المبالغة مراعاة حسن الأدب ما لا يخفى هذا وأما ما قيل من أن قوله تعالى ولا تخافون الخ معطوف على أخاف داخل معه في حكم الإنكار والتعجيب فمما لا سبيل إليه أصلا لإفضائه إلى فساد المعنى قطعا كيف لا وقد عرفت أن الإنكار بمعنى النفي بالكلية فيؤول المعنى إلى نفي الخوف عنه عليه الصلاة والسلام ونفي نفيه عنهم وأنه بين الفساد وحمل الإنكار في الأول على معنى نفي الوقوع وفي الثاني على استبعاد الواقع مما لا مساغ له على أن قوله تعالى «فأي الفريقين أحق بالأمن» ناطق ببطلانه حتما فإنه كلام مرتب على إنكار خوفه عليه الصلاة
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302