تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٤٦
وقوله تعالى «قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا» استئناف مسوق لبيان أنه تعالى هو القادر على إلقائهم في المهالك إثر بيان أنه هو المنجي لهم منها وفيه وعيد ضمني بالعذاب لإشراكهم المذكور على طريقة قوله عز وجل أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر إلى قوله تعالى أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى الآية وعليكم متعلق بيبعث وتقديمه على مفعوله الصريح للاعتناء به والمسارعة إلى بيان كون المبعوث مما يضرهم ولتهويل أمر المؤخر وقوله تعالى «من فوقكم» متعلق به أيضا أو بمحذوف وقع صفة لعذابا أي عذابا كائنا من جهة الفوق كما فعل بمن فعل من قوم لوط وأصحاب الفيل وأضرابهم «أو من تحت أرجلكم» أو من جهة السفل كما فعل بفرعون وقارون وقيل من فوقكم أكابركم ورؤسائكم ومن تحت أرجلكم سفلتكم وعبيدكم وكلمة أو لمنع الخلو دون الجمع فلا منع لما كان من الجهتين معا كما فعل بقوم نوح «أو يلبسكم شيعا» أي يخلطكم فرقا متحزبين على أهواء شتى كل فرقة مشايعة لإمام فينشب بينكم القتال فتختلطوا في الملاحم كقول الحماسي * وكتيبة لبستها بكتيبة حتى إذا التبست نفضت لها يدي «ويذيق بعضكم بأس بعض» عطف على يبعث وقرئ بنون العظمة على طريقة الالتفات لتهويل الأمر والمبالغة في التحذير والبعض الأول الكفار والآخر المؤمنون ففيه وعد ووعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عند قوله تعالى عذابا من فوقكم أعوذ بوجهك وعند قوله تعالى أو من تحت أرجلكم أعوذ بوجهك وعند قوله تعالى أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض هذا أهون أو هذا أيسر وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال سألت ربي أن لا يبعث على أمتي عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم فأعطاني ذلك وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعني ذلك «انظر كيف نصرف الآيات» من حال إلى حال «لعلهم يفقهون» كي يفقهوا ويقفوا على جلية الأمر فيرجعوا عما هم عليه من المكابرة والعناد «وكذب به» أي بالعذاب الموعود أو القرآن المجيد الناطق بمجيئه «قومك» أي المعاندون منهم ولعل إيرادهم بهذا العنوان للإيذان بكمال سوء حالهم فإن تكذيبهم بذلك مع كونهم من قومه صلى الله عليه وسلم مما يقضى بغاية عتوهم ومكابرتهم وتقديم الجار والمجرور على الفاعل لما مر مرارا من إظهار الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخرة وقوله تعالى «وهو الحق» حال من الضمير المجرور أي كذبوا به والحال أنه الواقع لا محالة أو إ ه الكتاب الصادق في كل ما نطق به وقيل هو استئناف وأيا ما كان ففيه دلالة على عظيم جنايتهم ونهاية قبحها «قل» لهم منبها على ما يؤول إليه أمرهم وعلى أنك قد أديت ما عليك من وظائف الرسالة «لست عليكم بوكيل» بحفيظ وكل إلى أمركم لا منعكم من التكذيب وأجبركم على التصديق إنما أنا منذر وقد خرجت عن العهدة حيث أخبرتكم بما سترونه
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302