ما ذكر من العذابين على كفرهم مع أنهم معذبون بسائر معاصيهم أيضا حسبما ينطق به قوله تعالى بما كسبوا لأنه العمدة في إيجاب العذاب والأهم في باب التحذير أو أريد بكفرهم ما هو أعم منه ومن مستتبعاته من المعاصي والسيئات هذا وقد جوز أن يكون أولئك إشارة إلى النفوس المدلول عليها بنفس محله الرفع بالابتداء والموصول الثاني صفته أو بدل منه ولهم شراب الخ خبره والجملة مسوقة لبيان تبعة الإبسال «قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا» قيل نزلت في أبي بكر رضي الله عنه حين دعاه ابنه عبد الرحمن إلى عبادة الأصنام فتوجيه الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ للإيذان بما بينهما من الاتصال والاتحاد تنويها لشأن الصديق رضي الله تعالى عنه أي أنعبد متجاوزين عبادة الله الجامع لجميع صفات الألوهية التي من جملتها القدرة على النفع والضر ما لا يقدر على نفعنا إذا عبدناه ولا على ضرنا إذا تركناه وأدنى مراتب المعبودية القدرة على ذلك وقوله تعالى «ونرد على أعقابنا» عطف على ندعوا إذا حل في حكم الإنكار والنفي أي ونرد إلى الشرك والتعبير عنه بالرد على الأعقاب لزيادة تقبيحه بتصويره بصورة ما هو علم في القبح مع ما فيه من الإشارة إلى كون الشرك حالة قد تركت ونبذت وراء الظهر وإيثار نرد على نرتد لتوجيه الإنكار إلى الارتداد برد الغير تصريحا بمخالفة المضلين وقطعا لأطماعهم الفارغة وإيذانا بأن الارتداد من غير راد ليس في حيز الاحتمال ليحتاج إلى نفيه وإنكاره وقوله تعالى «بعد إذ هدانا الله» أي إلى الإسلام وانقذنا من الشرك متعلق بنرد مسوق لتأكيد النكير لا لتحقيق معنى الرد وتصويره فقط وإلا لكفى أن يقال بعد إذ اهتدينا كأنه قيل ونرد إلى الشرك بإضلال المضل بعد إذ هدانا الله الذي لا هادي سواه وقوله تعالى «كالذي استهوته الشياطين» في محل النصب على أنه حال من مرفوع نرد أي نرد أي أنرد على أعقابنا مشبهين بالذي استهوته مردة الجن واستغوته إلى المهامه أو المهالك أو على أنه نعت لمصدر محذوف أي أنرد ردا مثل رد الذي استهوته الخ والاستهواء استفعال من هوى في الأرض إذا ذهب فيها كأنها طلبت هويه وحرصت عليه وقرئ استهواه بألف مما له وقوله تعالى «في الأرض» إما متعلق باستهوته أو بمحذوف هو حال من مفعوله أي كائنا في الأرض وكذا قوله تعالى «حيران» حال منه على أنها بدل من الأولى أو حال الثنية عند من يجيزها أو من الذي أو من المستكن في الظرف أي تائها ضالا عن الجادة لا يدري ما يصنع وقوله تعالى «له أصحاب» جملة في محل النصب على أنها صفة لحيران أو حال من الضمير فيه أو مستأنفة سيقت لبيان حاله وقوله تعالى «يدعونه إلى الهدى» صفة لأصحاب أي لذلك المستهوي رفقة يهدونه إلى الطريق المستقيم تسمية له بالمصدر مبالغة كأنه نفس الهدى «ائتنا» على إرادة القول على أنه بدل ممن يدونه أو حال من فاعله أي يقولون ائتنا وفيه إشارة
(١٤٩)