تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٤٨
«وذر الذين اتخذوا دينهم» الذين كلفوه وأمروا بإقامة مواجبه «لعبا ولهوا» حيث سخروا به واستهزءوا أو بنوا أمر دينهم على ما لا يكاد يتعاطاه العاقل بطريق الجد وإنما يصدر عنه لو صدر بطريق اللعب واللهو كعبادة الأصنام وتحريم البحائر والسوائب ونحو ذلك والمعنى أعرض عنهم ولا تبال بأفعالهم وأقوالهم وقيل هو تهديد لهم كقوله تعالى ذرهم يأكلوا ويتمتعوا الآية «وغرتهم الحياة الدنيا» واطمأنوا بها حتى زعموا أن لا حياة بعدها أبدا «وذكر به» أي بالقرآن من يصلح للتذكير «أن تبسل نفس بما كسبت» أي لئلا تبسل كقوله تعالى أن تضلوا الآية أو مخافة أن تبسل أو كراهة أن تبسل نفوس كثيرة كما في قوله تعالى علمت نفس ما أحضرت وترتهن لسوء عملها وأصل الإبسال والبسل المنع ومنه أسد باسل لأن فريسته لا تفلت منه أو لأنه ممتنع والباسل الشجاع لامتناعه من قرنه وهذا بسل عليك أي حرام ممنوع وقد جوز أن يكون الضمير المجرور في به راجعها إلى الإبسال مع عدم جريان ذكره كما في ضمير الشأن وتكون الجملة بدلا منه مفسرا له في الإبهام أولا والتفسير ثانيا من التفخيم وزيادة التقرير كما في قوله [على جوده لضن بالماء حانم] بجر حانم على أنه بدل من ضمير جوده فالمعنى وذكر بارتهان النفوس وحبسها بما كسبت وقوله تعالى «ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع» استئناف مسوق للإخبار بذلك وقيل في محل النصب على أنه حال من ضمير كسبت وقيل في محل الرفع على أنه وصف لنفس والأظهر أنه حال من ف = نفس فإنه في قوة نفس كافرة أو نفوس كثيرة كما في قوله تعالى علمت نفس ما أحضرت ومن دون الله متعلق بمحذوف هو حال من ولي كما بين في تفسير قوله تعالى وأنذر به الآية وقيل هو خبر لليس فيكون لها حينئذ متعلقا بمحذوف على البيان «وإن تعدل» أي إن تفد تلك النفس «كل عدل» أي كل فداء على أنه مصدر مؤكد «لا يؤخذ منها» على إسناد الفعل إلى الجار والمجرور لا إلى ضمير العدل كما في قوله تعالى ولا يؤخذ منها عدل فإنه المفدى به لا المصدر كما نحن فيه «أولئك» إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد درجتهم في سوء الحال ومحله الرفع على الابتداء والخبر في قوله تعالى «الذين أبسلوا بما كسبوا» والجملة مستأنفة سيقت إثر تحذيرهم من الإبسال المذكور لبيان أنهم المبتلون بذلك أي أولئك المتخذون دينهم لعبا ولهوا المغترون بالحياة الدنيا هم الذين أبسلوا بما كسبوا وقوله تعالى «لهم شراب من حميم» استئناف آخر مبين لكيفية الإبسال المذكور وعاقبته مبني على سوء نشأ من الكلام كأنه قيل ماذا لهم حين أبسلوا بما كسبوا فقيل لهم شراب من ماء مغلي يتجرجر في بطونهم وتتقطع به أمعاؤهم «وعذاب أليم» بنار تشتعل بأبدانهم «بما كانوا يكفرون» أي بسبب كفرهم المستمر في الدنيا وقد جوز أن يكون لهم شراب إلخ حالا من ضمير أبسلوا وترتيب
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302