تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٤٠
مع ما هم عليه في أمر الدنيا من كمال سوء الحال وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجته المشار إليه وبعد منزلته في الكمال والكاف مقحمة لتأكيد ما أفاده اسم الإشارة من الفخامة ومحلها في الأصل النصب على أنه نعت لمصدر مؤكد محذوف والتقدير فتنا بعضهم ببعض فتونا كائنا مثل ذلك الفتون ثم قدم على الفعل لإفادة القصر المفيد لعدم القصور فقط واعتبرت الكاف مقحمة فصار نفس المصدر المؤكد لا نعتا له والمعنى ذلك الفتون الكامل البديع فتنا أي ابتلينا بعض الناس ببعضهم لا فتونا غيره حيث قدمنا الآخرين في أمر الدين على الأولين المتقدمين عليهم في أمر الدنيا تقدما كليا واللام في قوله تعالى «ليقولوا» للعاقبة أي ليقول البعض الأولين مشيرين إلى الآخرين محقرين لهم نظرا إلى ما بينهما من التفاوت الفاحش الدنيوي وتعاميا عما هو مناط التفضيل حقيقة «أهؤلاء من الله عليهم من بيننا» بأن وفقهم لإصابة الحق ولما يصعدهم عنده تعالى من دوننا ونحن المقدمون والرؤساء وهم العبيد والفقراء وغرضهم بذلك إنكار وقوع المن رأسا على طريقة قولهم لو كان خيرا ما سبقونا إليه لا تحقير الممنون عليهم مع الاعتراف بوقوعه بطريق الاعتراض عليه تعالى وقوله تعالى «أليس الله بأعلم بالشاكرين» رد لقولهم ذلك وإبطال له وإشارة إلى أن مدار استحقاق الإنعام معرفة شأن النعمة والاعتراف بحق المنعم والاستفهام لتقرير علمه البالغ بذلك أي أليس الله بأعلم بالشاكرين لنعمه حتى تستبعدوا إنعامه عليهم وفيه من الإشارة إلى أن أولئك الضعفاء عارفون بحق نعم الله تعالى في تنزيل القرآن والتوفيق للإيمان شاكرون له تعالى على ذلك مع التعريض بأن القائلين بمعزل من ذلك كله ما لا يخفى «وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا» هم الذين نهى عن طردهم وصفوا بالإيمان بآيات الله عز وجل كما وصفوا بالمداومة على عبادته تعالى بالإخلاص تنبيها على إحرازهم لفضيلتي العلم والعمل وتأخير هذا الوصف مع تقدمه على الوصف الأول لما أن مدار الوعد بالرحمة والمغفرة هو الإيمان بها كما أن مناط النهي عن الطرد فيما سبق هو المداومة على العبادة وقوله تعالى «فقل سلام عليكم» أمر بتبشيرهم بالسلام عن كل مكروه بعد إنذار مقابليهم وقيل بتبليغ سلامه تعالى إليهم وقيل بأن يبدأهم بالسلام وقوله تعالى «كتب ربكم على نفسه الرحمة» أي قضاها وأوجبها على ذاته المقدسة بطريق التفضل والإحسان بالذات لا بتوسط شيء ما أصلا تبشير لهم بسعة رحمته تعالى وبنيل المطالب إثر تبشيرهم بالسلامة عن المكاره وقبوله التوبة منهم وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميرهم إظهار اللطف بهم والإشعار بعلة الحكم وقيل إن قوما جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا إنا أصبنا ذنوبا عظاما فلم يرد على أنه تفسير للرحمة بطريق الاستئناف وقوله تعالى «بجهالة» حال من فاعل عمل أي عمله وهو جاهل بحقيقة ما يتبعه من المضار والتقييد بذلك للإيذان بأن المؤمن لا يباشر ما يعلم أنه
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302