«لكل نبإ» أي لكل شيء ينبأ به من الأنباء التي من جملتها عذابكم أو لكل خبر من الأخبار التي من جملتها خبر مجيئه «مستقر» أي وقت استقرار ووقوع البتة ووقت استقرار بوقوع مدلوله «وسوف تعلمون» أي حال نبئكم في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معا وسوف للتأكيد كما في قوله تعالى ولتعلمن نبأه بعد حين «وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا» أي بالتكذيب والاستهزاء بها والطعن فيها كما هو دأب قريش وديدنهم «فأعرض عنهم» بترك مجالستهم والقيام عنهم وقوله تعالى «حتى يخوضوا في حديث غيره» غاية للإعراض أي استمر على الإعراض إلى أن يخوضوا في حديث غير ى يأتنا والتذكير باعتبار كونها حديثا فإن وصف الحديث بمغايرتها مشير إلى اعتبارها بعنوان الحديثية وقيل باعتبار كونها قرآنا «وإما ينسينك الشيطان» بأن يشغلك فتنسى النهي فتجالسهم ابتداء أو بقاء وقرئ ينسينك من التنسية «فلا تقعد بعد الذكرى» أي بعد تذكر النهي «مع القوم الظالمين» أي معهم فوضع المظهر موضع المضمر نعيا عليهم أنهم بذلك الخوض ظالمون واضعون للتكذيب والاستهزاء موضع التصديق والتعظيم راسخون في ذلك «وما على الذين يتقون» روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المسلمين حين نهوا عن مجالستهم عند خوضهم في الآيات قالوا لئن كنا نقول كلما استهزءوا بالقرآن لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام ونطوف بالبيت فنزلت أي ما علي الذين يتقون قبائح أعمال الخائضين وأحوالهم «من حسابهم» أي مما يحاسبون عليه من الجرائر «من شيء» أي شئ ما على أنه في محل الرفع على أنه مبتدأ وما تميمية أو اسم لها وهي حجازية ومن مزيدة للاستغراق ومن حسابهم حال منه وعلى الذين يتقون في محل الرفع على أنه خبر للمبتدأ أو لما الحجازية على رأي من لا يجيز إعمالها في الخبر المقدم مطلقا أو في محل النصب على رأي من يجوز إعمالها في الخبر المقدم عند كونه ظرفا أو حرف جر «ولكن ذكرى» استدراك من النفي السابق أي ولكن عليهم أن يذكروهم ويمنعوهم عما هم عليه من القبائح بما أمكن من العظة والتذكير ويظهروا لهم الكراهة والنكير ومحل ذكرى إما النصب على أنه مصدر مؤكد للفعل المحذوف أي عليهم أن يذكروهم تذكيرا أو الرفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر أي ولكن عليهم ذكرى «لعلهم يتقون» أي يجتنبون الخوض حياء أو كراهة لمساءتهم وقد جوز كون الضمير للموصول أي يذكروهم رجاء أن يثبتوا على تقواهم أو يزدادوها
(١٤٧)