تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٢٣
من أهل المشاهدة والعيان قصدا إلى بيان كمال سوء حالهم وبلوغها من الشناعة والفظاعة إلى حيث لا يختص استغرابها براء دون راء ممن اعتاد مشاهدة الأمور العجيبة بل كل من يتأتى منه الرؤية يتعجب من هولها وفظاعتها وجواب لو محذوف ثقة بظهوره وإيذانا بقصور العبارة عن تفصيله وكذا مفعول ترى لدلالة ما في حيز الظرف عليه لو تراهم حين يوقفون على النار حتى يعاينوها لرأيت ما لا يسعه التعبير وصيغة الماضي للدلالة على التحقق أو حين يطلعون عليها إطلاعا وهي تحتهم أو يدخلونها فيعرفون مقدار عذابها من قولهم وقفته على كذا إذا فهمته وعرفته وقرئ وقفوا على البناء للفاعل من وقف عليه وقوفا «فقالوا يا ليتنا» اي إلى الدنيا تمنيا للرجوع والخلاص وهيهات ولات حين مناص «ولا نكذب بآيات ربنا» أي بآياته الناطقة بأحوال النار وأهوالها الآمرة باتقائها إذ هي التي تخطر حينئذ ببالهم ويتحسرون على ما فرطوا في حقها أو بجميع ى يأته المنتظمة لتلك الآيات انتظاما أوليا «ونكون من المؤمنين» بها العاملين بمقتضاها حتى لا نرى هذا الموقف الهائل أو نكون من فريق المؤمنين الناجين من العذاب الفائزين بحسن المآب ونصب الفعلين على جواب التمني بإضمار أن بعد الواو وإجرائها مجرى الفاء ويؤيده قراءة ابن مسعود وابن إسحق فلا نكذب والمعنى إن رددنا لم نكذب ونكن من المؤمنين وقيل ينسبك من أن المصدرية ومن الفعل بعدها مصدر متوهم فيعطف هذا عليه كأنه قيل ليت لنا ردا وانتفاء تكذيب وكونا من المؤمنين وقرئ برفعهما على أنه كلام مستأنف كقوله دعني ولا أعود أي وأنا لا أعود تركتني أو لم تتركني أو عطف على نرد أو حال من ضميره فيكون داخلا في حكم التمني كالوجه الخير للنصب وتعلق التكذيب الآتي به لما تضمنه من العدة بالإيمان وعدم التكذيب كمن قال ليتني رزقت مالا فأكافئك على صنيعك فإنه متمن في معنى الواعد فلو رزق مالا ولم يكافىء صاحبه يكون مكذبا لا محالة وقرئ برفع الأول ونصب الثاني وقد مر وجههما «بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل» إضراب عما ينبئ عنه التمني من الوعد بتصديق الآيات والإيمان بها أي ليس ذلك عن عزيمة صادقة ناشئة عن رغبة في الإيمان وشوق إلى تحصيله والاتصاف به بل لأنه ظهر لهم في موقفهم ذلك ما كانوا يخفونه في الدنيا من الداهية الدهياء وظنوا أنهم مواقعوها فلخوفها وهول مطلعها قالوا ما قالوا والمراد بها النار التي وقفوا عليها إذ هي التي سيق الكلام لتهويل أمرها والتعجيب من فظاعة حال الموقوفين عليها وبإخفائها تكذيبهم بها فإن التكذيب بالشيء كفر به وإخفاء له لا محالة وإيثاره على صريح التكذيب الوارد في قوله عز وجل هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون وقوله تعالى هذه النار التي كنتم بها تكذبون مع كونه أنسب بما قبله من قولهم ولا نكذب بآيات ربنا لمراعاة ما في مقابلته من البدو هذا هو الذي تستدعيه جزالة النظم الكريم وأما ما قيل من أن المراد بما يخفون كفرهم ومعاصيهم أو قبائحهم وفضائحهم التي كانوا يكتمونها من الناس فتظهر في صحفهم وبشهادة جوارحهم عليهم أو شركهم الذي يجحدون به في بعض مواقف القيامة بقولهم والله ربنا ما كنا مشركين ثم يظهر بما ذكر من شهادة الجوارح عليهم أو ما أخفاه رؤساء
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302