تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٣٤
مع ذلك غاية لقوله تعالى فتحنا أو لما يدل هو عليه كأنه قيل ففعلوا ما فعلوا حتى إذا اطمأنوا بما أتيح لهم وبطروا وأشروا «أخذناهم بغتة» أي نزل بهم عذابنا فجأة ليكون أشد عليهم وقعا وأفظع هو لا «فإذا هم مبلسون» متحسرون غاية الحسرة آيسون من كل هير واجمون وفي الجملة الاسمية دلالة على استقرارهم على تلك الحالة الفظيعة «فقطع دابر القوم الذين ظلموا» أي أخرهم بحيث لم يبق منهم أحد من دبره دبرا ودبورا أي تبعه ووضع الظاهر موضع الضمير للإشعار بعلة الحكم فإن هلاكهم بسبب ظلمهم الذي هو وضع الكفر موضع الشكر وإقامة المعاصي مقام الطاعات «والحمد لله رب العالمين» على ما جرى عليهم من النكال فإن إهلاك الكفار والعصاة من حيث إنه تخليص لأهل الأرض من شؤم عقائدهم الفاسدة وأعمالهم الخبيثة نعمة جليلة مستجلبة للحمد لا سيما مع ما فيه من إعلاء كلمة الحق التي نطقت بها رسلهم عليهم السلام «قل أرأيتم» أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتكرير التبكيت عليهم وتثنية الإلزام بعد تكملة الإلزام الأول ببيان أنه أمر مستمر لم يزل جاريا في الأمم وهذا أيضا استخبار عن متعلق الرؤية وإن كان بحسب الظاهر استخبارا عن نفس الرؤية «إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم» بأن أصمكم وأعماكم بالكلية «وختم على قلوبكم» بأن غطى عليها بما لا يبقى لكم معه عقل وفهم أصلا وتصيرون مجانين ويجوز أن يكون الختم عطفا تفسيريا للأخذ المذكور فإن السمع والبصر طريقان للقلب منهما يرد ما يرده من المدركات فأخذهما سد لبابه وهو السر في تقديم أخذهما على ختمها وأما تقديم السمع على الإبصار فلأنه مورد الآيات القرآنية وإفراده لما أن أصله مصدر وقوله تعالى «من إله» مبتدأ وخبر ومن استفهامية وقوله تعالى «غير الله» صفة للخبر وقوله تعالى «يأتيكم به» أي بذاك على أن الضمير مستعار لاسم الإشارة أو بما أخذ وختم عليه صفة أخرى له والجملة متعلق الرؤية ومناط الاستخبار أي أخبروني إن سلب الله مشاعركم من إله غيره تعالى يأتيكم بها وقوله تعالى «انظر كيف نصرف الآيات» تعجيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم من عدم تأثرهم بما عاينوا من الآيات الباهرة أي انظر كيف نكررها ونقررها مصروفة من أسلوب إلى أسلوب تارة بترتيب المقدمات العقلية وتارة بطريق الترغيب والترهيب وتارة بالتنبيه والتذكير «ثم هم يصدفون» عطف على نصرف داخل في حكمه وهو العمدة في التعجيب وثم لاستبعاد صدوفهم أي إعراضهم عن تلك الآيات بعد تصريفها على هذا النمط البديع الموجب للإقبال عليها «قل أرأيتكم» تبكيت آخر لهم بإلجائهم إلى الاعتراف باختصاص للعذاب بهم «إن أتاكم عذاب الله» أي
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302