تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٢٥
بكل ما يجب الإيمان به فيدخل كفرهم به دخولا أوليا ولعل هذا التوبيخ والتقريع وإنما يقع بعد ما وقفوا على النار فقالوا ما قالوا إذ الظاهر أنه لا يبقى بعد هذا الأمر إلا العذاب «قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله» هم الذين حكيت أحوالهم لكن وضع الموصول موضع الضمير للإيذان بتسبب خسرانهم بما في حيز الصلة من التكذيب بلقائه تعالى بقيام الساعة وما يترتب عليه من البعث وأحكامه المتفرعة عليه واستمرارهم على ذلك فإن كلمة حتى في قوله تعالى «حتى إذا جاءتهم الساعة» غاية لتكذيبهم لا لخسرانهم فإنه أبدى لا حد له «بغتة» البغت والبغتة مفاجأة للشيء بسرعة من ير شعور به يقال بغة بغتا وبغتة أي فجأة وانتصابها إما على أنها مصدر واقع موقع الحال من فاعل جاءتهم أي مباغتة أو من مفعول أي مبغوتين وإما على أنها مصدر مؤكد على غير الصدر فإن جاءتهم في معنى بغتتهم كقولهم أتيته ركضا أو مصدر مؤكد لفعل محذوف وقع حالا من فاعل جاءتهم أي جاءتهم الساعة تبغتهم بغتة «قالوا» جواب إذا «يا حسرتنا» تعالى فهذا أوانك والحسرة شدة الندم وهذا التحسر وإن كان يعتريهم عند الموت لكن لما كان ذلك من مبادئ الساعة يمي باسمها ولذلك قال عليه الصلاة والسلام من مات فقد قامت قيامته أو جعل مجىء الساعة بعد الموت كالواقع بغير فترة لسرعته «على ما فرطنا فيها» أي على تفريطنا في شأن الساعة وتقصيرنا في مراعاة حقها والاستعداد لها بالإيمان بها واكتساب الأعمال الصالحة كما في قوله تعالى على ما فرطت في جنب الله وقيل الضمير للحياة الدنيا وإن لم يجر لها ذكر لكونها معلومة والتفريط التقصير في الشيء مع القدرة على ما فعله وقيل هو التضييع وقيل الفرط السبق ومنه الفارط أي السابق ومعنى فرط خلى السبق لغيره فالتضعيف فيه للسلب كما في جلدت البعير وقوله تعالى «وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم» حال من فاعل قالوا فائدته الإيذان بأن عذابهم ليس مقصورا على ما ذكر من الحسرة على ما فات وزال بل يقاسون مع ذلك تحمل الأوزار الثقال والإيماء إلى أن تلك الحسرة من الشدة بحيث لا تزول ولا تنسى بما يكابدونه من فنون العقوبات والسر في ذلك أن العذاب الروحاني أشد من الجسماني نعوذ برحمة الله عز وجل منهما والوزر في الأصل الحمل الثقيل سمى به الإثم والذنب لغاية ثقله على صاحبه وذكر الظهور كذكر الأيدي في قوله تعالى فبما كسبت أيديكم فإن المعتاد حمل الأثقال على الظهور كما أن المألوف هو الكسب بالأيدي والمعنى أنهم يتحسرون على ما لم يعملوا من الحسنات والحال أنهم يحملون أوزار ما عملوا من السيئات «ألا ساء ما يزرون» تذييل مقرر لما قبله وتكملة له أي بئس شيئا يزرونه وزرهم «وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو» لما حقق فيما سبق أن وراء الحياة الدنيا حياة أخرى يلقون فيها من الخطوب ما يلقون بين بعده حال تينك الحياتين في أنفسهما واللعب
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302