تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٢٨
تعالى «وأوذوا» عطف على كذبوا داخل في حكمه فانسبك منهما مصدران من المبني للمفعول أي فصبروا على تكذيبهم وإيذائهم فتأس بهم واصطبر على ما نالك من قومك والمراد بإيذائهم إما عين تكذيبهم وإما ما يقارنه من فنون الإيذاء لم يصرح به ثقة باستلزام التكذيب إياه غالبا وأياما كان ففيه تأكيد للتسلية وقيل عطف على صبروا وقيل على كذبت وقيل هو استئناف وقوله تعالى «حتى أتاهم نصرنا» غاية للصبر وفيه إيذان بأن نصره تعالى إياهم أمر مقرر لا مرد له وأنه متوجه إليهم لا بد من إتيانه البتة والالتفات إلى نون العظمة لإبراز الاعتناء بشأن النصر وقوله تعالى «ولا مبدل لكلمات الله» اعتراض مقرر لما قبله من إتيان نصره إياهم والمراد بكلماته تعالى ما ينبئ عنه قوله تعالى ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون وقوله تعالى كتب الله لأغلبن أنا ورسلي من المواعيد السابقة للرسل عليهم الصلاة والسلام الدالة على نصرة رسول الله أيضا لا نفس الآيات المذكورة ونظائرها فإن الإخبار بعدم تبدلها إنما يفيد عدم تبدل المواعيد الواردة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة جون المواعيد السابقة للرسل عليهم الصلاة والسلام ويجوز أن يراد بكلماته تعالى جميع كلماته التي من جملتها تلك المواعيد الكريمة ويدخل فيها المواعيد الواردة في حقه عليه الصلاة والسلام دخولا أوليا والالتفات إلى الاسم الجليل للإشعار بعلة الحكم فإن الألوهية من موجبات أن لا يغالبه أحد في فعل من الأفعال ولا يقع منه تعالى خلف في قول من الأقوال وقوله تعالى «ولقد جاءك من نبإ المرسلين» جملة قسمية جئ بها لتحقيق ما منحوا من النصر وتأكيد ما في ضمنه من الوعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لتقرير جميع ما ذكر من تكذيب الأمم وما ترتب عليه من الأمور والجار والمجرور في محل الرفع على أنه فاعل إما باعتبار مضمونه أي بعض نبأ المرسلين أو بتقدير الموصوف أي بعض من نبأ المرسلين كما مر في تفسير قوله تعالى ومن الناس من يقول آمنا بالله الآية وأياما كان فالمراد بنبئهم عليهم السلام على الأول نصره تعالى إياهم بعد اللتيا والتي وعلى الثاني جميع ما جرى بينهم وبين أممهم على ما ينبئ عنه قوله تعالى أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا الآية وقيل في محل النصب على الحالية من المستكن في جاء العائد إلى ما يفهم من الجملة السابقة أي ولقد جاءك هذا الخبر كائنا من نبأ المرسلين «وإن كان كبر عليك إعراضهم» كلام مستأنف مسوق لتأكيد إيجاب الصبر المستفاد من التسلية ببيان أنه أمر لا محيد عنه أصلا أي إن كان عظم عليك وشق إعراضهم عن الإيمان بما جئت به من القرآن الكريم حسبما يفصح عنه ما حكى عنهم من تسميتهم له أساطير الأولين وتنائيهم عنه ونهيهم الناس عنه وقيل إن الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في محضر من قريش فقال يا محمد ائتنا بآية من عند الله كما كانت الأنبياء تفعل وأنا أصدقك فأبى الله أن يأتي بآية مما اقترحوا فأعرضوا عن رسول
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302