تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٢٤
الكفرة عن أتباعهم من أمر البعث والنشور أو ما كتمه علماء أهل الكتابين من صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ونعوته الشريفة عن عوامهم على أن الضمير المجرور للعوام والمرفوع للخواص أو كفرهم الذي أخفوه عن المؤمنين والضمير المجرور للمؤمنين والمرفوع للمنافقين فبعد الإغضاء عما في كل منها من الاعتساف والاختلال لا سبيل إلى شيء من ذلك أصلا لما عرفت من أن سوق النظم الشريف لتهويل أمر النار وتفظيع حال أهلها وقد ذكر وقوفهم عليها وأشير إلى أنه اعتراهم عند ذلك من الخوف والخشية والحيرة والدهشة ما لا يحبط به الوصف ورتب عليه تمنيهم المذكور بالفاء القاضية بسببية ما قبلها لما بعدها فإسقاط النار بعد ذلك من تلك السببية وهي في نفسها أدهى الدواهي وأزجر الزواجر وإسنادها إلى شيء من الأمور المذكورة التي دونها في الهول والزجر مع عدم جريان ذكرها ثمة أمر يجب تنزيه ساحة التنزيل عن أمثاله وأما ما قيل من أن المراد جزاء ما كانوا يخفون فمن قبيل دخول البيوت من ظهورها وأبوابها مفتوحة فتأمل «ولو ردوا» أي من موقفهم ذلك إلى الدنيا حسبما تمنوه وغاب عنهم ما شاهدوه من الأهوال «لعادوا لما نهوا عنه» من فنون القبائح التي من جملتها التكذيب المذكور ونسوا ما عاينوه بالكلية لاقتصار أنظارهم على الشاهد دون الغائب «وإنهم لكاذبون» أي لقوم ديدنهم الكذب في كل ما يأتون وما يذرون «وقالوا» عطف على عادوا داخل في حيز الجواب وتوسيط قوله تعالى وإنهم لكاذبون بينهما لأنه اعتراض مسوق لتقرير ما أفاده الشرطية من كذبهم المخصوص ولو أخر لأوهم أن المراد تكذيبهم في إنكارهم البعث والمعنى لوردوا إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه وقالوا «إن هي» أي ما الحياة «إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين» بعد ما فارقنا هذه الحياة كأن لم يروا ما رأوا من الأحوال التي أولها البعث والنشور «ولو ترى إذ وقفوا على ربهم» الكلام فيه كالذي مر في نظيره خلا أن الوقوف ههنا مجاز عن الحبس للتوبيخ والسؤال كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده للعقاب وقيل عرفوا ربهم حق التعريف وقل وقفوا على جزاء ربهم وقوله تعالى «قال» استئناف مبني على سؤال نشأ من الكلام السابق كأنه قيل فماذا قال لهم ربهم إذ ذاك فقيل قال «أليس هذا» مشيرا إلى ما شاهدوه من البهث وما يتبعه من الأمور العظام «بالحق» تقريعا لهم على تكذيبهم لذلك وقولهم عند سماع ما يتعلق به ما هو بحق وما هو إلا باطل «قالوا» استئناف كما سبق «بلى وربنا» أكدوا اعترافهم باليمين إظهارا لكمال يقينهم بحقيته وإيذانا بصدور ذلك عنهم بالرغبة والنشاط معا في نفعه «قال» استئناف كما مر «فذوقوا العذاب» الذي عاينتموه والفاء لترتيب التعذيب على اعترافهم بحقية ما كفروا به في الدنيا لكن لا على أن مدار التعذيب هو اعترافهم بذلك بل هو كفرهم السابق بما اعترفوا بحقيته الآن كما نطق به قوله عز وجل «بما كنتم تكفرون» أي بسبب كفركم في الدنيا بذلك أو
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302