تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٢١
«ومنهم من يستمع إليك» كلام مبتدأ مسوق لحكاية ما صدر في الدنيا عن بعض المشركين من أحكام الكفر ثم بيان ما سيصدر عنهم يوم الحشر تقريرا لما قبله وتحقيقا لمضمونه والضمير للذين أشركوا ومحل الظرف الرفع على أنه مبتدأ باعتبار مضمونه أو بتقدير الموصوف كما في قوله تعالى ومنادون ذلك أي وجمع منا الخ ومن موصولة أو موصوفة محلها الرفع على الخبرية والمعنى وبعضهم أو وبعض منهم الذي يستمع إليك أو فريق يستمع إليك على أن مناط الإفادة اتصافهم بما في حيز الصلة أو الصفة لا كونهم ذوات أولئك المذكورين وقد مر في تفسير قوله تعالى ومن الماس من يقول الخ روي أنه اجتمع أبو سفيان والوليد والنضر وعتبة وشيبة وأبو جهل وأضرابهم يستمعون تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا للنضر وكان صاحب أخبار يا ابا قتيلة ما يقول محمد فقال والذي جعلها بيته ما أدري ما يقول إلا أنه يحرك لسانه ويقول أساطير الأولين مثل ما حدثتكم من القرون الماضية فقال أبو سفيان إني لأراه حقا فقال أبو جهل كلا فنزلت «وجعلنا على قلوبهم أكنة» من الجعل بمعنى الإنشاء وعلى متعلقه به وضمير قلوبهم راجع إلى من وجمعيته بالنظر إلى معناها كما إن إفراد ضمير يستمع بالنظر إلى لفظها وقد روعي جانب المعني في قوله تعالى ومنهم من يستمعون إليك الآية والأكنة جمع كنان وهو ما يستر به الشيء وتنوينها للتفخيم والجملة إما مستأنفة للإخبار بما تضمنه من الختم أو حال من فاعل يستمع بإضمار قد عند من يقدرها قبل الماضي الواقع حالا أي يستمعون إليك وقد ألقينا على قلوبهم أغطية كثيرة لا يقادر قدرها خارجة عما يتعارفه الناس «أن يفقهوه» أي كراهة أن يفقهوا ما يستمعونه من القرآن المدلول عليه بذكر الاستماع ويجوز أن يكون مفعولا لما ينبئ عنه الكلام أي منعناهم أن يفقهوه «وفي آذانهم وقرا» صمما وثقلا مانعا من سماعه والكلام فيه كما في قوله تعالى على قلوبهم أكنة وهذا تمثيل معرب عن كمال جهلهم بشؤون النبي عليه الصلاة والسلام وفرط نبوة قلوبهم عن فهم القرآن الكريم ومج أسماعهم له وقد مر تحقيقه في أول سورة البقرة وقيل هو حكاية لما قالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر الآية وأنت خبير بأن مرادهم بذلك الإخبار بما اعتقدوه في حق القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم جهلا وكفرا من اتصافهما بأوصاف مانعة من التصديق والإيمان ككون القرآن سحرا وشعرا وأساطير الأولين وقس على ما تخيلوه في حق النبي صلى الله عليه وسلم لا الإخبار بأن هناك أمرا وراء ذلك قد حال بينهم وبين إدراكه حائل من قبلهم حتى يمكن حمل النظم الكريم على ذلك «وإن يروا كل آية» من الآيات القرآنية أي يشاهدوها بسماعها «لا يؤمنوا بها» على عموم النفي لا على نفي العموم أي كفروا بكل واحدى ة منها لعدم اجتلائهم إياها كما هي لما مر من حالهم «حتى إذا جاؤوك يجادلونك» هي حتى التي تقع بعدها الجمل والجملة هي قوله تعالى إذا جاءوك «يقول الذين كفروا» وما بينهما حال من فاعل جاءوك وإنما وضع الموصول موضع الضمير ذما لهم بما في حيز الصلة وإشعارا لعلة الحكم أي بلغوا من
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302