تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١١٩
أظلم ممن افترى على الله كذبا» بوصفهم النبي الموعود في الكتابين بخلاف أوصافه صلى الله عليه وسلم فإنه افتراء على الله سبحانه وبقولهم الملائكة بنات الله وقولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله ونحو ذلك وهو إنكار واستبعاد لأن يكون أحد أظلم ممن فعل ذلك أو مساويا له وإن كان سبك التركيب غير متعرض لإنكار المساواة ونفيها يشهد به العرف الفاشي والاستعمال المطرد فإنه إذا قيل من أكرم من فلان أو لا أفضل من فلان فالمراد حتما أنه أكرم من كل كريم وأفضل من كل فاضل ألا يرى إلى قوله عز وجل لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون بعد قوله تعالى ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا الخ والسر في ذلك أن النسبة بين الشيئين إنما تتصور غالبا لا سيما في باب المغالبة بالتفاوت زيادة ونقصانا فإذا لم يكن أحدهما أزيد يتحقق النقصان لا محالة «أو كذب بآياته» كأن كذبوا بالقرآن الذي من جملته الآية الناطقة بأنهم يعرفونه صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم وبالمعجزات وسموها سحرا وحرفوا التوراة وغيروا نعوته صلى الله عليه وسلم فإن ذلك تكذيب بآياته تعالى وكلمة أو للإيذان بأن كلا من الافتراء والتكذيب وحده بالغ غاية الإفراط في الظلم فكيف وهم قد جمعوا بينهما فأثبتوا ما نفاه الله تعالى ونفوا ما أثبته قاتلهم الله أنى يؤفكون «أنه» الضمير للشأن ومدار وضعه موضعه ادعاء شهرته المغنية عن ذكره وفائدته تصدير الجملة به الإيذان بفخامة مضمونها مع ما فيه من زيادة تقريره في الذهن فإن الضمير لا يفهم منه من أول الأمر إلا شأن مبهم له خطر فيبقى الذهن مترقبا لما يعقبه فيتمكن عند وروده له فضل تمكن فكأنه قيل إن الشأن الخطير هذا هو «لا يفلح الظالمون» أي لا ينجون من مكروه ولا يفوزون بمطلوب وإذا كان حال الظالمين هذا فما ظنك بمن في الغاية القاصية من الظلم «ويوم نحشرهم جميعا» منصوب على الظرفية بمضمر مؤخر قد حذف إيذانا بضيق العبارة عن شرحه وبيانه وإيماء إلى عدم استطاعة السامعين لسماعه لكمال فظاعة ما يقع فيه من الطامة والداهية التامة كأنه قيل ويوم نحشرهم جميعا «ثم نقول» لهم ما نقول كان من الأحوال والأهوال ما لا يحيط به دائرة المقال وتقدير صيغة الماضي للدلالة على التحقق ولحسن موقع عطف قوله تعالى ثم لم تكن الخ عليه وقيل منصوب على المفعولية بمضمر مقدم أي واذكر لهم للتخويف والتحذير ويوم نحشرهم الخ وقيل وليتقوا أو ليحذروا يوم نحشرهم الخ والضمير للكل وجميعا حال منه وقرئ يحشرهم جميعا ثم يقول بالياء فيهما «للذين أشركوا» أي نقول لهم خاصة للتوبيخ والتقريع على رؤوس الأشهاد «أين شركاؤكم» أي آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله سبحانه وإضافتها إليهم لما أن شركتها ليست إلا بتسميتهم وتقولهم الكاذب كما ينبئ عنه قوله تعالى «الذين كنتم تزعمون» أي تزعمونها شركاء فحذف المفعولان معا وهذا السؤال المنبىء عن غيبة الشركاء مع عموم الحشر لها لقوله تعالى احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله وغير ذلك من النصوص إنما يقع بعد ما جرى بينها وبينهم من التبرؤ من الجانبين وتقطع ما بينهم من الأسباب والعلائق حسبما يحكيه قوله تعالى فزيلنا بينهم الخ ونحو ذلك من الآيات الكريمة إما بعدم حضورها حينئذ في الحقيقة بإبعادها من ذلك الموقف وإما بتنزيل
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302