تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٢٧
فقد أطاع الله بل نفى تكذيبهم عنه صلى الله عليه وسلم وأثبت لآياته تعالى على طريقة قوله تعالى إن الذين يبايعونك إنما ينعون الله إيذانا بكمال القرب واضمحلال شؤونه صلى الله عليه وسلم في شأن الله عز وجل نعم فيه استعظام لجناياتهم منبىء عن عظم عقوبتهم كأنه قيل لا تعتد به وكله إلى الله تعالى فإنهم في تكذيبهم ذلك لا يكذبونك في الحقيقة «ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون» أي ولكنهم بآياته تعالى يكذبون فوضع المظهر موضع المضمر تسجيلا عليهم بالرسوخ في الظلم الذي جحودهم هذا فن من فنونه والالتفات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة واستعظام ما أقدموا عليه من جحود آياته تعالى وإيراد الجحود في مورد التكذيب للإيذان بأن آياته تعالى من الوضوح بحيث يشاهد صدقها كل أحد وأن من ينكرها فإنما ينكرها بطريق الجحود الذي هو عبارة عن الإنكار مع العلم بخلافه كما في قوله تعالى وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم وهو المعنى بقول من قال أنه نفي ما في القلب إثباته أو إثبات ما في القلب نفيه والباء متعلقة بيجحدون يقال جحد حقه وبحقه إذا أنكره وهو يعلمه وقيل هو لتضمين الجحود معنى التكذيب وأيا ما كان فتقديم الجار والمجرور للقصر وقيل المعنى فإنهم لا يكذبونك بقلوبهم ولكنهم يجحدون بألسنتهم ويعضده ما روي من أن الأخنس بن شريق قال لأبي جهل يا ابا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب فإنه ليس عندنا أحد غيرنا فقال له والله إن محمدا لصادق وما كذب قط ولكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والنبوة فماذا يكون لسائر قريش فنزلت وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمى الأمين فعرفوا أنه لا يكذب في شيء ولكنهم كانوا يجحدون وقيل فإنهم لا يكذبونك لأنهم عندهم الصادق الموسوم بالصدق ولكنهم يجحدون بآيات الله كما يروى أن ابا جهل كان يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما نكذبك وإنك عندنا لصادق ولكنا نكذب ما جئتنا به فنزلت وكأن صدق المخبر عند الخبيث بمطابقة خبره لاعتقاده والأول هو الذي تستدعيه الجزالة التنزيلية وقرئ لا يكذبونك من الإكذاب فقيل كلاهما بمعنى واحد كأكثر وكثر وأنزل نزل وهو الأظهر وقيل معنى أكذبه وجده كاذبا ونقل عن الكسائي أن العرب تقول كذبت الرجل أي نسبت الكذب إليه وأكذبته أي نسبت الكذب إلى ما جاء به لا إليه وقوله تعالى «ولقد كذبت رسل من قبلك» افتنان في تسليته عليه الصلاة والسلام فإن عموم البلية ربما يهون أمرها بعض تهوين وإرشاد له عليه الصلاة والسلام إلا الاقتداء بمن قبله من الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام في الصبر على ما أصابهم من أممهم من فنون الأذية وعدة ضمنية له عليه الصلاة والسلام بمثل ما منحوه من النصر وتصدير الكلام بالقسم لتأكيد التسلية وتنوين رسل للتفخيم والتكثر ومن إما متعلقة بكذبت أو بمحذوف وقع صفة لرسل أي وبالله لقد كذبت من قبل تكذيبك رسل أول شأن خطير وذوو عدد كثير أو كذبت رسل كانوا من زمان قبل زمانك «فصبروا على ما كذبوا» ما مصدرية وقوله
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302