تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٢٦
عمل يشغل النفس ويفطرها عما تنتفع به واللهو صرفها عن الجد إلى الهزل والمعنى إما على حذف المضاف أو على جعل الحياة الدنيا نفس اللعب واللهو مبالغة كما في قول الخنساء فإنما هي إقبال وإدبار أي وما أعمال الدنيا أي الأعمال المتعلقة بها من حيث هي هي أو وما هي من حيث أنها محل لكسب تلك الأعمال إلا لعب يشغل الناس ويلهيهم بما فيه من منفعة سريعة الزوال ولذة وشيكة الاضمحلال عما يعقبهم منفعة جليلة باقية ولذة حقيقية غير متناهية من الإيمان والعمل الصالح «وللدار الآخرة» التي هي محل الحياة الأخرى «خير للذين يتقون» الكفر والمعاصي لأن منافعها خالصة عن المضار ولذاتها غير منغصة بالآلام مستمرة على الدوام «أفلا تعقلون» ذلك حتى تتقوا ما أنتم عليه من الكفر والعصيان والفاء للعطف على مقدار أي تغفلون فلا تعقلون أو ألا تتفكرون فتعقلون وقرئ يعقلون على الغيبة «قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون» استئناف مسوق لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحزن الذي يعتريه مما حكى عن الكفرة من الإصرار على التكذيب والمبالغة فيه ببيان أنه عليه الصلاة والسلام بمكانة من الله عز وجل وأن ما يفعلونه في حقه فهو راجع إليه تعالى في الحقيقة وأنه ينتقم منهم لا محالة أشد انتقام وكلمة قد لتأكيد العلم بما ذكر المفيد لتأكيد الوعيد كما في قوله تعالى ما أنتم عليه وقوله تعالى قد يعلم الله المعوقين ونحوهما بإخراجها إلى معنى التكثير حسبما يخرج إليه ربما في مثل قوله * وإن تمس مهجور الفناء فربما أقام به بعد الوفود وفود جريا على سنن العرب عند قصد الإفراط في التكثير تقول لبعض قواد العساكر كم عندك من الفرسان فيقول رب فارس عندي وعنده مقانب جمة يريد بذلك التمادي في تكثير فرسانه ولكنه يروم إظهار براءته عن التزيد وإبراز أنه ممن يقلل كثير ما عنده فضلا عن تكثير القلل وعليه قوله عز وجل ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين وهذه طريقة إنما تسلك عند كون الأمر من الوضوح بحيث لا تحوم حوله شائبة ريب حقيقة كما في الآيات الكريمة المذكورة أو ادعاء كما في البيت وقوله * قد أترك القرن مصفرا أنامله وقوله ولكنه قد يهلك المال نائله والمراد بكثرة علمه تعالى كثرة تعلقه وهو متعد إلى اثنين وما بعده ساد مسدهما واسم إن ضمير الشأن وخبرها الجملة المفسرة له والموصول فاعل يحزنك وعائده محذوف أي الذي يقولونه وهو ما حكى عنهم من قولهم إن هذا إلا أساطير الأولين ونحو ذلك وقرئ ليحزنك من أحزن المنقول من حزن اللام وقوله تعالى «فإنهم لا يكذبونك» تعليل لما يشعرون به الكلام السابق من النهي عن الاعتداد بما قالوا لكن لا بطريق التشاغل عنه وعده هينا والإقبال التام على ما هو أهم منه من استعظام جحودهم بآيات الله عز وجل كما قيل فإنه مع كونه بمعزل من التسلية بالكلية مما يوهم كون حزنه عليه الصلاة والسلام لخاصة نفسه بل بطريق التسلي بما يفيده من بلوغه عليه الصلاة والسلام في جلالة القدر ورفعه المحل والزلفى من الله عز وجل إلى حيث لا غاية وراءه حيث لم يقتصر على جعل تكذيبه صلى الله عليه وسلم تكذيبا لآياته سبحانه على طريقة قوله تعالى من يطع الرسول
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302