تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٤٤٨
الشاشي يقول: إذا قيل: لا تقرب، بفتح الراء، كان معناه: لا تلتبس بالفعل، وإذا كان بضم الراء، كان معناه لا تدن منه. انتهى.
وجمهور العلماء على أن وطأها في الدم ذنب عظيم يتاب منه، ولا كفارة فيه بمال، وجمهورهم على أن الطهر الذي يحل جماع الحائض، هو بالماء، كطهر الجنب، ولا يجزئ من ذلك تيمم ولا غيره.
وقوله تعالى: (فإذا تطهرن...) الآية: الخلاف فيها كما تقدم، وقال مجاهد وجماعة: (تطهرن)، أي: اغتسلن بالماء بقرينة الأمر بالإتيان، لأن صيغة الأمر من الله

(١) القاسم بن القفال الكبير الشاشي محمد بن علي، مصنف " التقريب "، كان إماما جليلا حافظا، برع في حياة أبيه، قال العبادي: إن كتابه " التقريب " قد تخرج به فقهاء الخراسان، و ازدادت طريقة أهل العراق به حسنا، و قد أثنى البيهقي على التقريب، وقال فيه الإسنوي: ولم أر في كتب الأصحاب أجل منه.
ينظر: " طبقات ابن قاضي شهبة " (١ / ١٨٧)، " هدية العارفين " (١ / ٨٢٧)، " طبقات الإسنوي " (ص ١٠٨).
(٢) اتفق أهل العلم على تحريم غشيان الحائض، و من فعله عالما عصى، و من استحله كفر، لأنه محرم بنص القرآن، و لا يرتفع التحريم حتى ينقطع الدم و تغتسل عند أكثر أهل العلم، و هو قول سالم بن عبد الله، و سليمان بن يسار، و مجاهد، و الحسن، و إبراهيم، و إليه ذهب عامة العلماء، لقوله سبحانه و تعالى:
(فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) أي: اغتسلن.
وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجوز غشيانها بعد ما انقطع دمها لأكثر الحيض قبل الغسل.
و اختلف أهل العلم في وجوب الكفارة بوطء الحائض، فذهب أكثرهم إلى أنه يستغفر الله و لا كفارة عليه، و هو قول سعيد بن المسيب، و سعيد بن جبير، و إبراهيم النخعي، و القاسم، و عطاء، و الشعبي، و ابن سيرين، و به قال ابن المبارك، والشافعي، و أصحاب الرأي.
و ذهب جماعة إلى إيجاب الكفارة بإتيان الحائض، منهم قتادة والأوزاعي، و أحمد، و إسحاق، و قاله الشافعي في القديم، لما روى عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال في رجل جامع امرأته و هي حائض.، قال: " إن كان الدم عبيطا، فليتصدق بدينار، و إن كان صفرة، فنصف دينار ".
أخرجه الترمذي (1 / 245)، أبواب الطهارة: باب ما جاء في الكفارة في ذلك (137)، و في سنده عبد الكريم بن أبي المخارق، ضعيف كما في " التقريب " (1 / 516)، و للحديث طرق أخرى قد بسطها الشيخ شاكر في شرحه للترمذي (1 / 245 - 254)، فانظرها، ففيها فوائد.
قال أبو عيسى: حديث الكفارة في إتيان الحائض قد روي عن ابن عباس موقوفا، وروي أنه قال: " إن أصابها في فور الدم تصدق بدينار، و إن كان في انقطاع الدم، فنصف دينار ".
و قال قتادة: دينار للحائض، و نصف دينار إذا أصابها قبل الغسل. و قال أحمد: يتخير بين الدينار و النصف، و قال الحسن: عليه ما على المجامع في نهار رمضان.
و من لم يوجب الكفارة، ذهب إلى أن حديث ابن عباس لا يصح متصلا مرفوعا. ينظر: " شرح السنة " (1 / 409 - 410).
(3) أخرجه الطبري (2 / 398 - 399) برقم (4273).
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 5
2 المبحث الأول: نبذة عن حياة الثعالبي - اسمه وكنيته ولقبه - رحلاته وشيوخه 9
3 1 - محمد بن خلفه بن عمر التونسي 12
4 2 - ولي الدين العراقي 13
5 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر مرزوق 14
6 4 - أبو القاسم بن أحمد بن محمد المعتل البلوي 17
7 5 - علي بن عثمان بن المنجلاتي 19
8 6 - احمد النقاوسي البجاني 19
9 7 - عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد الغبريني 19
10 8 - سليمان بن الحسن البوزيدي 20
11 9 - محمد بن علي بن جعفر الشمس 21
12 10 - عمر بن محمد القلشاني 22
13 11 - علي بن موسى البجائي 22
14 12 - البساطي 23
15 13 - أبو الحسن علي بن محمد البليليتي 23
16 14 - أبو يوسف يعقوب الزغبي - شيوخه الدين لم يذكره في رحلته 23
17 1 - عبد الله بن مسعود التونسي 23
18 2 - عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي 24
19 3 - عبد الواحد الغرياني - تلاميذه 25
20 1 - محمد بن محمد بن أحمد بن الخطيب 25
21 2 - محمد بن يوسف بن عمر شعيب السوسني 26
22 3 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي 29
23 4 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي 30
24 5 - علي بن محمد التالوتي الأنصاري 32
25 6 - علي بن عباد التستري البكري 33
26 7 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي القاسي الشهير بزروق 33
27 - مصنفات الثعالبي 36
28 - ثناء العلماء عليه 38
29 - المبحث الثاني: التفسير قبل أبي زيد الثعالبي 40
30 - التفسير لغة 40
31 - التفسير اصطلاحا 41
32 - التأويل لغة 42
33 - التأويل اصطلاحا 43
34 - الفرق بين التفسير والتأويل 44
35 - حاجة الناس إلى التفسير 46
36 - فهم الصحابة للقران الكريم 50
37 - أشهر مفسري القران من الصحابة 52
38 1 - علي بن أبي طالب 52
39 2 - عبد الله بن مسعود 53
40 3 - أبي بن كعب 55
41 4 - عبد الله بن عباس 56
42 - طرق الرواية عن ابن عباس 59
43 - قيمة التفسير المأثور عن الصحابة 60
44 - مدرسة مكة: تلاميذ ابن عباس 62
45 1 - سعيد بن جبير 62
46 2 - مجاهد بن جبر 66
47 3 - عكرمة 67
48 4 - طاووس 70
49 - مدرسة المدينة: تلاميذ أبي بن كعب 74
50 1 - أبو العالية 74
51 2 - محمد بن كعب القرظي 75
52 3 - زيد بن أسلم 75
53 - مدرسة العراق: تلاميذ عبد الله بن مسعود 76
54 1 - علقمة بن قيس 76
55 2 - مسروق 77
56 3 - عامر الشعبي 77
57 4 - الحسن البصري 78
58 5 - قتادة 79
59 - قيمة التفسير المأثور عن التابعين 81
60 - سمات التفسير في تلك المرحلة 82
61 - التفسير في عصر التدوين 82
62 - اقسام التفسير 83
63 - الاتجاه الأثري في التفسير 83
64 - ابن جرير الطبري 84
65 - طريقة الطبري في التفسير 85
66 - الاتجاه اللغوي 86
67 - الاتجاه البياني 88
68 المبحث الثالث: الكلام على تفسير الثعالبي 91
69 1 - مصادر من كتب التفسير 91
70 2 - كتب غريب القران والحديث 94
71 3 - المصادر التي اعتمد عليها من كتب السنة 95
72 4 - كتب الترغيب والترهيب 95
73 5 - كتب في الاحكام الفقهية والأصولية 96
74 6 - كتب الخصائص والشمائل 96
75 8 - في الأسماء والصفات 97
76 9 - ومن كتب التاريخ 97
77 10 - كتب أخرى منثورة 97
78 - منهج الامام الثعالبي في تفسيره 98
79 1 - جمعة بين التفسير بالمأثور والرأي 99
80 2 - تعرضه لمسائل في أصول الدين 100
81 3 - مسائل أصول الفقه في تفسير 101
82 4 - تعرضه لايات الاحكام 102
83 5 - احتجاجه باللغة والمسائل النحوية 103
84 6 - ذكره لأسباب النزول 104
85 7 - ذكره للقراءات الواردة في الآية 105
86 8 - احتجاجه بالشعر 108
87 9 - موقفه من الإسرائيليات 109
88 - وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير الثعالبي 113
89 - نماذج من صور مخطوطات الكتاب 115
90 - مقدمة المؤلف 117
91 - باب في فضل القران 123
92 - باب في فضل تفسير القران واعرابه 135
93 - فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القران والجرأة عليه ومراتب المفسرين 138
94 - فصل: انزل القران على سبعة أحرف 145
95 - فصل في ذكر الألفاظ التي في القران مما للغات العجم بها تعلق 148
96 - باب تفسير أسماء القران وذكر السورة والآية 150
97 - باب في الاستعاذة 154
98 - باب في تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) 156
99 - تفسير فاتحة الكتاب 161
100 - تفسير سورة البقرة 174