الجزء الأول من تفسير الثعالبي بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله عليه سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم تسليما يقول العبد الفقير إلى الله تعالى المعترف بذنبه، الراجي رحمة ربه، عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي، لطف الله به في الدارين و بسائر المؤمنين.
الحمد لله رب العالمين، و صلوات ربنا و سلامه على سيدنا محمد خاتم النبيين، و على آله و صحبه السادة المكرمين، و الحمد لله الذي من علينا بالإيمان، و شرفنا بتلاوة القرآن، فأشرقت علينا بحمد الله أنواره، و بدت لذوي المعارف عند التلاوة أسراره، و فاضت على العارفين عند التدبر و التأمل بحاره، فسبحان من أنزل على عبده الكتاب، و جعله لأهل الفهم المتمسكين به من أعظم الأسباب، (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولوا الألباب) [ص: 29].
أما بعد، أيها الأخ، أشرق الله قلبي و قلبك بأنوار اليقين، وجعلني و إياك من أوليائه المتقين، الذين شرفهم بنزل قدسه، و أوحشهم من الخليقة بأنسه، و خصهم من معرفته، و مشاهدة عجائب ملكوته، و آثار قدرته، بما ملأ قلوبهم حبره، و وله عقولهم في عظمته حيره، فجعلوا همهم به واحدا، و لم يروا في الدارين يره، فهم بمشاهدة كماله و جلاله يتنعمون، و بين آثار قدرته و عجائب عظمته يترددون، و بالانقطاع إليه و التوكل عليه يتعززون، لهجين بصادق قوله: (قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) [الأنعام: 91] فإني جمعت لنفسي و لك في هذا المختصر ما أرجو أن يقر الله به عيني و عينك في الدارين، فقد ضمنته بحمد الله المهم مما اشتمل عليه تفسير ابن عطية (1)، و زدته فوائد حمه، من غيره من كتب الأئمة، و ثقات أعلام هذه الأئمة، حسبما رأيته أو رويته عن الأثبات، وذلك قريب من مائة تأليف، و ما منها تأليف إلا وهو منسوب لإمام مشهور بالدين، ومعدود في