ثم رجعت ل " تونس " فإذا في موضع الغبريني الشيخ أبو عبد الله القلشاني خلفه فيه عند موته، فلازمته، وأخذت البخاري إلا يسيرا عن البرزلي، ولم يكن ب " تونس " يومئذ من يفوقني في علم الحديث، إذا تكلمت أنصتوا، وقبلوا ما أرويه، تواضعا منهم، و إنصافا واعترافا لحق، وكان بعض فضلاء المغاربة يقول لي لما قدمت من المشرق: كنت آية في علم الحديث، وحضرت أيضا شيخنا الأبي وأجازني، ثم قدم " تونس " شيخنا ابن مرزوق عام تسعة عشر، فأقام بها نحو سنة، فأخذت عنه كثيرا، وسمعت عليه " الموطأ " بقراءة الفقيه أبي حفص عمر القلشاني ابن شيخنا أبي عبد الله وغير شئ، وأجازني وأذن لي هو والآبي في الإقراء، وأخذت عن غيرهم - اه -.
مما سبق يتضح أن الثعالبي قد ذكر أنه سمع في رحلته من شيوخ كثيرين، سمى منهم أربعة عشر شيخا، وسنوردهم فيما يلي مع ذكر البلد التي سمع فيها:
1 - محمد بن خلفة بن عمر التونسي الوشتاني (1) الشهير ب " الأبي ":
الإمام، العلامة، المحقق، المدقق، البارع، الحافظ، الحاج، الرحلة، أخذ عن الإمام ابن عرفة، ولازمه، واشتهر في حياته بالمهارة والتقدم في الفنون، وكان من أعيان أصحابه ومحققيهم، " وأبة " (2)، بضم الهمزة، قرية من " تونس ".
قال السخاوي: كان سليم الصدر، ذكر ذلك جماعة عنه مع مزيد تقدم في الفنون، له " إكمال الإكمال " في شرح مسلم في ثلاثة مجلدات، جمع فيه بين المازري، وعياض، والقرطبي، والنوري مع زيادات مفيدة من كلام ابن عرفة شيخه وغيره.
وله " شرح المدونة " أيضا، وله نظم، وكثر انتقاده لشيخه مشافهة، وربما رجع عليه سيما في تعريفه الطهارة. ووصفه ابن حجر في المثبتة بالأصولي، عالم المغرب بالمعقول.
وقال: إنه سكن " تونس " وسمى والده خلفا.
وأما شرحه لمسلم، ففي غاية الجودة ملأه بتحقيقات بارعة، وزيادة حسنة نافعة سيما أوائله، قال الثعالبي: حضرت عليه قراءة بحث وتحقيق وتدقيق من أوله إلى " الطهارة " متواليا، وكثيرا من " الطهارة " وأكثر " كتاب الصلاة ". وكثيرا من أواخر مسلم أو كله، ومن