بنفس قذفه، وقال ابن القاسم وغيره: لا تسقط حتى يجلد، فإن منع من جلده مانع عفو أو غيره، لم ترد شهادته... إلخ كلامه ".
وفي اللعان يقول: وتحريم اللعان أبدي باتفاق فيما أحفظ من مذهب مالك.
ويلاحظ على الثعالبي أنه لم يتوسع في الاحتجاج للمسائل الفقهية، كما صنع القرطبي - مثلا - ومن قبله ابن العربي، ولعل السبب في ذلك هو أنه لم يخصص تفسيره لنقل الأحكام، وإلا لكان كتاب فقه لا تفسير، وهو قد نص في مقدمته على أنه مختصر، فقال: " فإني جمعت لنفسي ولك في هذا المختصر... إلخ ".
خامسا: احتجاجه باللغة والمسائل النحوية، والتصريفية وغيرها:
وقد ذكرنا آنفا أنه ينقل من الغريبين لأبي عبيد الهروي، ويفسر الألفاظ التي ترد مشكلة، فإذا كانت ذات دلالة شرعية نص عليها، كما وجدناه ينقل المسائل النحوية معتمدا على كلام الصفاقسي في اختصاره من أبي حيان.
فمنها: تفسيره للفظ " القسيس " في قوله تعالى: (ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا) (المائدة: 82)، فنراه يقول: قال الفخر: القس والقسيس: اسم رئيس النصارى، والجمع:
قسيسون، وقال قطرب: القس والقسيس: العالم، بلغة الروم... ".
ويقول في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض...) الآية (آل عمران: 156) قال ابن عطية: الرجس: كل مكروه ذميم، وقد يقال للعذاب والرجز: العذاب لا غير، والركس: العذرة لا غير، والرجس يقال للأمرين.
ويقول في قوله تعالى: (وزاده بسطة في العلم والجسم) (البقرة: 247) قال أبو عبيد الهروي: أي: انبساطا وتوسعا في العلم، وطولا وتماما في الجسم...
وفي قوله تعالى: (فصرهن إليك) (البقرة: 260) يقول: يقال: صرت الشئ أصوره، بمعنى: قطعته، ويقال أيضا: صرت الشئ، بمعنى: أملته... إلخ " وأما ذكره للمسائل النحوية، فكثير جدا، فمثلا في قوله تعالى: (ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما...) (طه: 129) ينقل عن الصفاقسي قوله: " ولزاما " إما مصدر، وإما بمعنى ملزم. وأجاز أبو البقاء أن يكون جمع لازم، كقائم وقيام.
وفي قوله تعالى: (ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) (الأنبياء: 65).