تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٤٤٣
و يجتنب من المضروب: الوجه، والفرج، والقلب، و الدماغ، والخواصر، بإجماع قال ابن سيرين، والحسن، و ابن عباس، و ابن المسيب، وغيرهم: كل قمار ميسر، من نرد و شطرنج، ونحوه، حتى لعب الصبيان بالجوز (1).

و أخرج أبو داود و النسائي من حديث عبد الرحمن بن أزهر في قصة الشارب الذي ضربه النبي صلى الله عليه و آله و سلم بحنين، وفيه: فلما كان عمر كتب إليه خالد بن الوليد أن الناس قد انهمكوا في الشرب وتحاقروا العقوبة. قال: و عنده المهاجرون و الأنصار، فسألهم و اجتمعوا على أن يضربه ثمانين.
قال الباجي: " و استدل أن ذلك حكمه، و إلى ذلك ذهب مالك، و أبو حنيفة أن حد شارب الخمر ثمانون، و قال الشافعي: أربعون. و الدليل على ما نقوله ما روي من الأحاديث الدالة على أنه لم يكن من النبي صلى الله عليه و آله و سلم نص في ذلك على تحديد، وكان الناس على ذلك ثم وقع الاجتهاد في ذلك في زمن عمر بن الخطاب، و لم يوجد عند أحد منهم نص على تحديد، وذلك من أقوى الدليل على عدم النص فيه، لأنه لا يصح أن يكون فيه نص باق حكمه، و يذهب على الأمة، لأن ذلك كان يكون إجماعا منهم على الخطأ و لا يجوز ذلك على الأمة، ثم أجمعوا و اتفقوا على أن الحد ثمانون، وحكم بذلك على ملأ منهم، و لم يعلم لأحد فيه مخالفة، فثبت أنه إجماع.
و استدل الشافعي و من معه بالسنة، و الأثر، و المعقول. فمن السنة ما روى مسلم عن أنس (رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان يضرب في الخمر بالنعال و الجريد أربعين.
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان يضرب في الخمر بالجريد و النعال أربعين، فدل ذلك على أنها حده.
و أما الأثر، فما روى مسلم عن حضين بن المنذر قال: شهدت عثمان بن عفان أتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم، فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه رآه يتقيؤها، فقال عثمان: إنه لم يتقيأها حتى شربها، فقال: يا علي قم فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن، " ول حارها من تولى قارها " فكأنه وجد عليه، فقال: يا عبد الله بن جعفر، قم فجلده، فجلده و علي يعد حتى بلغ أربعين، فقال: أمسك، ثم قال: جلد النبي أربعين، وأبو بكر أربعين، و عمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي ".
وجه الدلالة: أن عليا (كرم الله وجهه) جزم في إخباره بأن النبي صلى الله عليه وآله و سلم جلد أربعين، و سائر الأخبار ليس فيها عدد محدد إلا بعض الروايات السالفة عن أنس، ففيها نحو الأربعين. بطريق التقريب، و الجمع بين الأخبار أن عليا جزم بالأربعين، فهو حجة على من ذكرها بلفظ التقريب، فعملنا بما جزم به علي في إخباره عن الجلد الواقع في عهد الرسول (عليه الصلاة والسلام) وعهد أبي بكر، و من حفظه حجة على من لم يحفظ و لذلك قال لعبد الله بن جعفر لما بلغ الأربعين: أمسك.
و أما المعقول فقالوا: إن الشرب سبب يوجب الحد، فوجب أن يختص بعدد لا يشاركه فيه غيره، كالزنا والقذف.
ينظر: " الباجي " على الموطأ (3 / 144)، و " الزرقاني " على الموطأ (4 / 344)، و " تفسير القرطبي " (12 / 165)، و " فتح الباري " (12 / 55).
(1) أخرجه الطبري (2 / 370 - 371) برقم (4114 - 4115)، عن محمد بن سيرين، و برقم (4118)، عن الحسين، و برقم (4120) عن سعيد بن المسيب، و برقم (4124) عن ابن عباس.
وذكره ابن عطية (1 / 294).
(٤٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 5
2 المبحث الأول: نبذة عن حياة الثعالبي - اسمه وكنيته ولقبه - رحلاته وشيوخه 9
3 1 - محمد بن خلفه بن عمر التونسي 12
4 2 - ولي الدين العراقي 13
5 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر مرزوق 14
6 4 - أبو القاسم بن أحمد بن محمد المعتل البلوي 17
7 5 - علي بن عثمان بن المنجلاتي 19
8 6 - احمد النقاوسي البجاني 19
9 7 - عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد الغبريني 19
10 8 - سليمان بن الحسن البوزيدي 20
11 9 - محمد بن علي بن جعفر الشمس 21
12 10 - عمر بن محمد القلشاني 22
13 11 - علي بن موسى البجائي 22
14 12 - البساطي 23
15 13 - أبو الحسن علي بن محمد البليليتي 23
16 14 - أبو يوسف يعقوب الزغبي - شيوخه الدين لم يذكره في رحلته 23
17 1 - عبد الله بن مسعود التونسي 23
18 2 - عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي 24
19 3 - عبد الواحد الغرياني - تلاميذه 25
20 1 - محمد بن محمد بن أحمد بن الخطيب 25
21 2 - محمد بن يوسف بن عمر شعيب السوسني 26
22 3 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي 29
23 4 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي 30
24 5 - علي بن محمد التالوتي الأنصاري 32
25 6 - علي بن عباد التستري البكري 33
26 7 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي القاسي الشهير بزروق 33
27 - مصنفات الثعالبي 36
28 - ثناء العلماء عليه 38
29 - المبحث الثاني: التفسير قبل أبي زيد الثعالبي 40
30 - التفسير لغة 40
31 - التفسير اصطلاحا 41
32 - التأويل لغة 42
33 - التأويل اصطلاحا 43
34 - الفرق بين التفسير والتأويل 44
35 - حاجة الناس إلى التفسير 46
36 - فهم الصحابة للقران الكريم 50
37 - أشهر مفسري القران من الصحابة 52
38 1 - علي بن أبي طالب 52
39 2 - عبد الله بن مسعود 53
40 3 - أبي بن كعب 55
41 4 - عبد الله بن عباس 56
42 - طرق الرواية عن ابن عباس 59
43 - قيمة التفسير المأثور عن الصحابة 60
44 - مدرسة مكة: تلاميذ ابن عباس 62
45 1 - سعيد بن جبير 62
46 2 - مجاهد بن جبر 66
47 3 - عكرمة 67
48 4 - طاووس 70
49 - مدرسة المدينة: تلاميذ أبي بن كعب 74
50 1 - أبو العالية 74
51 2 - محمد بن كعب القرظي 75
52 3 - زيد بن أسلم 75
53 - مدرسة العراق: تلاميذ عبد الله بن مسعود 76
54 1 - علقمة بن قيس 76
55 2 - مسروق 77
56 3 - عامر الشعبي 77
57 4 - الحسن البصري 78
58 5 - قتادة 79
59 - قيمة التفسير المأثور عن التابعين 81
60 - سمات التفسير في تلك المرحلة 82
61 - التفسير في عصر التدوين 82
62 - اقسام التفسير 83
63 - الاتجاه الأثري في التفسير 83
64 - ابن جرير الطبري 84
65 - طريقة الطبري في التفسير 85
66 - الاتجاه اللغوي 86
67 - الاتجاه البياني 88
68 المبحث الثالث: الكلام على تفسير الثعالبي 91
69 1 - مصادر من كتب التفسير 91
70 2 - كتب غريب القران والحديث 94
71 3 - المصادر التي اعتمد عليها من كتب السنة 95
72 4 - كتب الترغيب والترهيب 95
73 5 - كتب في الاحكام الفقهية والأصولية 96
74 6 - كتب الخصائص والشمائل 96
75 8 - في الأسماء والصفات 97
76 9 - ومن كتب التاريخ 97
77 10 - كتب أخرى منثورة 97
78 - منهج الامام الثعالبي في تفسيره 98
79 1 - جمعة بين التفسير بالمأثور والرأي 99
80 2 - تعرضه لمسائل في أصول الدين 100
81 3 - مسائل أصول الفقه في تفسير 101
82 4 - تعرضه لايات الاحكام 102
83 5 - احتجاجه باللغة والمسائل النحوية 103
84 6 - ذكره لأسباب النزول 104
85 7 - ذكره للقراءات الواردة في الآية 105
86 8 - احتجاجه بالشعر 108
87 9 - موقفه من الإسرائيليات 109
88 - وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير الثعالبي 113
89 - نماذج من صور مخطوطات الكتاب 115
90 - مقدمة المؤلف 117
91 - باب في فضل القران 123
92 - باب في فضل تفسير القران واعرابه 135
93 - فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القران والجرأة عليه ومراتب المفسرين 138
94 - فصل: انزل القران على سبعة أحرف 145
95 - فصل في ذكر الألفاظ التي في القران مما للغات العجم بها تعلق 148
96 - باب تفسير أسماء القران وذكر السورة والآية 150
97 - باب في الاستعاذة 154
98 - باب في تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) 156
99 - تفسير فاتحة الكتاب 161
100 - تفسير سورة البقرة 174