وذكر ابن النديم: أن أبا العباس ثعلبا قال: كان السبب في إملاء كتاب ا لفراء في المعاني أن عمر بن بكير كان من أصحابه، وكان منقطعا إلى الحسن بن سهل، فكتب إلى الفراء: إن الأمير الحسن بن سهل، ربما سألني عن الشئ بعد الشئ من القرآن، فلا يحضرني فيه جواب، فإن رأيت أن تجمع لي أصولا، أو تجعل في ذلك كتابا أرجع إليه، فعلت، فقال الفراء لأصحابه: اجتمعوا حتى أملي عليكم كتابا في القرآن.. فقال الفراء لرجل: أقرأ بفاتحة الكتاب نفسرها، ثم نوفي الكتاب كله، فقرأ الرجل وفسر الفراء، قال أبو العباس: " لم يعمل أحد قبله مثله، ولا أحسب أن أحدا يزيد عليه " (1).
وبذلك يكون ابن النديم قد عد " الفراء " من ألف تفسيرا للقرآن مدونا.
ولكن ابن حجر يذكر أن التفسير المدون كان قبل الفراء وقبل ابن جريج، إذ يقول (2):
" وكان عبد الملك بن مروان (ت 86 ه) سأل سعيد بن جبير (ت 95 ه) أن يكتب إليه بتفسير القرآن فكتب سعيد بهذا التفسير، فوجده عطاء بن دينار في الديوان، فأخذه، فأرسله عن سعيد بن جبير.
ويبدو أنه من الصعب تحديد أول من فسر القرآن تفسيرا مدونا على تتابع آياته وسوره، كما في المصحف.
أقسام التفسير وظل الخلف يحمل رسالة السلف جيلا بعد جيل، حتى وصلت مسيرة التفسير إلى تابعي التابعين، وهنا تعددت اتجاهات التفسير إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية هي:
أولا - الاتجاه الأثري (التفسير بالمأثور):
والمأثور: اسم مفعول من أثرت الحديث أثرا: نقلته، والأثر: اسم منه، وحديث مأثور، أي: منقول (3).
وعلى ذلك، فهو يشمل المنقول عن الله تبارك وتعالى، - في القرآن الكريم -،