والله ما انزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت، وما يعنى بها (1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة " (2).
فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين روي عن عائشة (3) رضي الله عنها، أنها قالت: " ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله تعالى الا آيات بعدد علمهن إياه جبريل عليه السلام ".
قال * ع (4) * ومعنى هذا الحديث في مغيبات القرآن، وتفسير مجمله، ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى، ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به عباده، كوقت قيام الساعة ونحوها، ومنها ما يستقرأ من ألفاظه، كعدد النفخات في الصور، وكرتبة خلق السماوات والأرض.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من تكلم في القرآن برأيه، فأصاب، فقد أخطأ " (5)، ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله، فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء أو اقتضته قوانين العلوم، كالنحو، والأصول، وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته، والنحاة نحوه، والفقهاء معانيه، ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر، فإن هذا القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه، وكان جلة من السلف، كسعيد بن المسيب (6)، وعامر الشعبي، وغيرهما يعظمون تفسير القرآن، ويتوقفون