حاضري المسجد الحرام، ويحل وينشىء الحج من عامة ذلك، دون رجوع إلى وطنه، أو ما ساواه بعدا، هذا قول مالك، وأصحابه، واختلف، لم سمي متمتعا.
فقال ابن القاسم: لأنه تمتع بكل ما لا يجوز للمحرم فعله من وقت حله في العمرة إلى وقت إنشائه الحج (1)، وقال غيره: سمي متمتعا، لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين، وذلك أن حق العمرة أن تقصد بسفر، وحق الحج كذلك، فلما تمتع بإسقاط أحدهما ألزمه الله تعالى هديا كالقارن الذي يجمع الحج والعمرة في سفر واحد، وجل الأمة (2) على جواز العمرة في أشهر الحج للمكي ولا دم عليه (3).
وقوله تعالى: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج)، يعني: من وقت يحرم إلى يوم عرفة، فإن فاته صيامها قبل يوم النحر، فليصمها في أيام التشريق، لأنها من أيام الحج.
(وسبعة إذا رجعتم)، قال مجاهد وغيره: أي: إذا رجعتم من منى (4)، وقال قتادة، والربيع: هذه رخصة من الله سبحانه (5)، والمعنى: إذا رجعتم إلى أوطانكم، ولما جاز أن قريبة منه. و المعنى في ذلك أنه لم يربح ميقاتا عاما لأهله ولمن مر به.
و وقت وجوب الدم على المتمتع هو وقت إحرامه بالحج، لأنه حينئذ يصير متمتعا بالعمرة إلى الحج، و يجوز له أن يذبح بعد فراغه من العمرة و قبل الإحرام بالحج، لتقدم أحد سببيه. و الأفضل ذبحه يوم النحر و لا آخر لوقته كسائر دماء الجبر بها.