تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٤٠١
(ولا تعتدوا) في قتل النساء، والصبيان، والرهبان، وشبههم، فهي محكمة (1).
وقوله تعالى: (و اقتلوهم حيث ثقفتموهم...) الآية: قال ابن إسحاق وغيره: نزلت هذه الآية في شأن عمرو بن الحضرمي، وواقد، وهي سرية عبد الله بن جحش (2)، و (ثقفتموهم) معناه: أحكمتم غلبتهم، يقال: رجل ثقف لقف، إذا كان محكما لما يتناوله من الأمور (3).
و (أخرجوهم): خطاب لجميع المؤمنين، والضمير لكفار قريش.
و (الفتنة أشد من القتل)، أي: الفتنة التي حملوكم عليها، وراموكم بها على الرجوع إلى الكفر - أشد من القتل، ويحتمل أن يكون المعنى: والفتنة، أي: الكفر والضلال الذي هم فيه أشد في الحرم، وأعظم جرما من القتل الذي عيروكم به في شأن ابن الحضرمي.
وقوله تعالى: (و لا تقاتلوهم عند المسجد الحرام...) الآية.
قال الجمهور (4): كان هذا ثم نسخ، وقال مجاهد: الآية محكمة (5)، ولا يجوز قتال أحد، يعنى: عند المسجد الحرام، إلا بعد أن يقاتل.
قلت: وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: " وإنما أحلت لي ساعة من النهار، ولم تحل لأحد بعدي " (6) يقوي قول مجاهد، وهذا هو الراجح عند الإمام...

(1) أخرجه الطبري (2 / 196) برقم (3100)، وذكره البغوي في " معالم التنزيل " (1 / 161) من قول ابن عباس، و مجاهد، و ذكره ابن عطية الأندلسي في " المحرر الوجيز " (1 / 262)، عن ابن عباس، و عمر بن عبد العزيز، و مجاهد.
و السيوطي في " الدر المنثور " (1 / 370)، و عزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس.
(2) عبد الله بن جحش الأسدي بن رياب، ابن يعمر الأسدي. حليف بني عبد شمس. أحد السابقين.
قال ابن حبان: له صحبة. و قال ابن إسحاق: هاجر إلى الحبشة، و شهد بدرا.
و دفن هو و حمزة في قبر واحد، و كان له يوم قتل نيف و أربعون سنة.
ينظر: " الإصابة " (4 / 31، 33).
(3) ذكره ابن عطية في " المحرر الوجيز " (1 / 262).
(4) ينظر: " تفسير الطبري " (3 / 567)، و " المحرر الوجيز " (1 / 263).
(5) ذكره البغوي في " معالم التنزيل " (1 / 162)، عن مجاهد، و جماعة، وابن عطية الأندلسي (1 / 263) عن مجاهد.
(6) هذا جزء من حديث أخرجه البخاري (46، 47)، كتاب " جزاء الصيد "، باب لا يحل القتال بمكة،
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»
الفهرست