الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا و ما له في الآخرة من خلاق (200) و منهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار (201) أولئك لهم نصيب مما كسبوا و الله سريع الحساب (202)) وقوله تعالى: (فإذا قضيتم مناسككم /...) الآية.
قال مجاهد: المناسك: الذبائح، وهي إراقة الدماء (1).
* ع *: والمناسك عندي العبادات في معالم الحج، مواضع النسك فيه.
والمعنى: إذا فرغتم من حجكم الذي هو الوقوف بعرفة، فاذكروا الله بمحامده، وأثنوا عليه بآلائه عندكم، وكانت عادة العرب، إذا قضت حجها، تقف عند الجمرة تتفاخر بالآباء، وتذكر أيام أسلافها، من بسالة، وكرم، وغير ذلك، فنزلت الآية، يلزموا أنفسهم ذكر الله تعالى أكثر من التزام ذكر آبائهم بأيام الجاهلية، هذا قول جمهور المفسرين (3).
وقال ابن عباس، وعطاء: معنى الآية: واذكروا الله، كذكر الأطفال آبائهم، وأمهاتهم، أي: فاستغيثوا به، والجئوا إليه (4).
قال النووي في " حليته " (5): والمراد من الذكر حضور القلب، فينبغي أن يكون هو مقصود الذاكر، فيحرص على تحصيله، ويتدبر ما يذكر، ويتعقل معناه، فالتدبر في الذكر مطلوب، كما هو مطلوب في القراءة، لاشتراكهما في المعنى المقصود، ولهذا كان المذهب الصحيح المختار استحباب مد الذاكر قوله: " لا إله إلا الله "، لما فيه من التدبر، وأقوال السلف، وأئمة الخلف في هذا مشهورة. انتهى.
قال الشيخ العارف أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري الساحلي المالقي: ومنفعة الذكر أبدا إنما هي تتبع معناه بالفكر، ليقتبس الذاكر من ذكره أنوار المعرفة، ويحصل على