تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٣٩٤
البيان (1) إلى وقت الحاجة، وعدي بن حاتم جعل خيطين على وساده، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم

(1) تأخر البيان إلى وقت الحاجة: بادئ ذي بدء أقول: هناك حالان لكل ما يحتاج إلى تأخير بيان، من عام، و مجمل، و مجاز، ومشترك، و فعل متردد و مطلق:
الحال الأول: أن يتأخر عن وقت الحاجة، وهو الوقت الذي إن أخر البيان عنه لم يتمكن المكلف من المعرفة بما تضمنه الخطاب، و هذا يكون في كل ما كان واجبا على الفور، كالإيمان، ورد الودائع.
و قد حكى أبو بكر الباقلاني إجماع أرباب الشرائع على امتناعه.
الحال الثاني: أن يؤخر عن وقت ورود الخطاب إلى وقت الحاجة إلى الفعل، و ذلك في الواجبات التي ليست على الفور، و يكون فيما لا ظاهر له كالأسماء المتواطئة و المشتركة، أو له ظاهر و قد استعمل في خلافه، كتأخير بيان التخصيص، و تأخير بيان النسخ، و نحوه.
و قد اختلف العلماء في هذا القسم على مذاهب:
الأول: الجواز مطلقا، و عليه عامة العلماء من الفقهاء و المتكلمين، كما قال ابن برهان. و منهم ابن فورك، و القاضي أبو الطيب، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وابن السمعاني، و نقلوه عن ابن سريج، و الإصطخري، و القفال، و كثير من علماء الشافعية. و نقل عن الشافعي - كما قال الزركشي في " البحر ".
و قد اختاره الرازي في " المحصول "، و ابن الحاجب، و قال الباجي: عليه أكثر أصحابنا. و حكاه القاضي عن مالك.
واستدلوا بآيات، منها قوله سبحانه: (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه) [القيامة: 18 - 19].
و هناك حوادث كثرة جدا - كما يقول الشوكاني - وقع البيان لها بعد السنة.
المذهب الثاني: المنع مطلقا، ونقل عن أبي إسحاق المروزي، و الصيرفي، وأبي حامد المروزي، و الدقاق، و من المالكية: الأبهري.
قال القاضي: و هو قول المعتزلة، وكثير من الحنيفة، و ابن داود الظاهري، ونقله القشيري عن داود.
و قد استدل هؤلاء بما لا طائل تحته، قالوا: لو جاز ذلك فإما أن يجوز إلى مدة معينة أو إلى الأبد، و كلاهما باطل، أما إلى المدة المعينة، فلكونه تحكما، و لكونه لم يقل به أحد. و أما إلى الأبد، فلكونه يلزم المحذور، وهو الخطاب والتكليف به مع عدم الفهم.
و أجيب عنهم: باختيار جوازه إلى مدة معينة يعلمها الله، و هو الوقت الذي يعلم أنه يكلف به فيه، فلا تحكم.
المذهب الثالث: جوازه في المجمل دون غيره، و حكي عن الصيرفي و أبي حامد المروزي.
المذهب الرابع: جوازه في العموم، و حكي عن عبد الجبار، و حكاه الروياني و الماوردي وجها لأصحاب الشافعي.
المذهب الخامس: جوازه في الأوامر و النواهي، لا في الأخبار، و حكي عن الكرخي و بعض المعتزلة.
المذهب السادس: عكسه. حكاه الشيخ أبو إسحاق، و لم ينسبه إلى أحد.
المذهب السابع: جوازه في النسخ دون غيره، ذكره أبو الحسين البصري، و أبو علي، و أبو هاشم، و عبد الجبار.
المذهب الثامن: التفصيل بين ما ليس له ظاهر كالمشترك فلا يجوز، و ما له ظاهر كالعام فيجوز.
المذهب التاسع: أن بيان المجمل إن لم يكن تبديلا و لا تغييرا، جاز مقارنا و طارئا، و إن كان تغييرا جاز مقارنا، و لا يجوز طارئا. نقله ابن السمعاني عن أبي زيد من الأحناف.
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 5
2 المبحث الأول: نبذة عن حياة الثعالبي - اسمه وكنيته ولقبه - رحلاته وشيوخه 9
3 1 - محمد بن خلفه بن عمر التونسي 12
4 2 - ولي الدين العراقي 13
5 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر مرزوق 14
6 4 - أبو القاسم بن أحمد بن محمد المعتل البلوي 17
7 5 - علي بن عثمان بن المنجلاتي 19
8 6 - احمد النقاوسي البجاني 19
9 7 - عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد الغبريني 19
10 8 - سليمان بن الحسن البوزيدي 20
11 9 - محمد بن علي بن جعفر الشمس 21
12 10 - عمر بن محمد القلشاني 22
13 11 - علي بن موسى البجائي 22
14 12 - البساطي 23
15 13 - أبو الحسن علي بن محمد البليليتي 23
16 14 - أبو يوسف يعقوب الزغبي - شيوخه الدين لم يذكره في رحلته 23
17 1 - عبد الله بن مسعود التونسي 23
18 2 - عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي 24
19 3 - عبد الواحد الغرياني - تلاميذه 25
20 1 - محمد بن محمد بن أحمد بن الخطيب 25
21 2 - محمد بن يوسف بن عمر شعيب السوسني 26
22 3 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي 29
23 4 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي 30
24 5 - علي بن محمد التالوتي الأنصاري 32
25 6 - علي بن عباد التستري البكري 33
26 7 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي القاسي الشهير بزروق 33
27 - مصنفات الثعالبي 36
28 - ثناء العلماء عليه 38
29 - المبحث الثاني: التفسير قبل أبي زيد الثعالبي 40
30 - التفسير لغة 40
31 - التفسير اصطلاحا 41
32 - التأويل لغة 42
33 - التأويل اصطلاحا 43
34 - الفرق بين التفسير والتأويل 44
35 - حاجة الناس إلى التفسير 46
36 - فهم الصحابة للقران الكريم 50
37 - أشهر مفسري القران من الصحابة 52
38 1 - علي بن أبي طالب 52
39 2 - عبد الله بن مسعود 53
40 3 - أبي بن كعب 55
41 4 - عبد الله بن عباس 56
42 - طرق الرواية عن ابن عباس 59
43 - قيمة التفسير المأثور عن الصحابة 60
44 - مدرسة مكة: تلاميذ ابن عباس 62
45 1 - سعيد بن جبير 62
46 2 - مجاهد بن جبر 66
47 3 - عكرمة 67
48 4 - طاووس 70
49 - مدرسة المدينة: تلاميذ أبي بن كعب 74
50 1 - أبو العالية 74
51 2 - محمد بن كعب القرظي 75
52 3 - زيد بن أسلم 75
53 - مدرسة العراق: تلاميذ عبد الله بن مسعود 76
54 1 - علقمة بن قيس 76
55 2 - مسروق 77
56 3 - عامر الشعبي 77
57 4 - الحسن البصري 78
58 5 - قتادة 79
59 - قيمة التفسير المأثور عن التابعين 81
60 - سمات التفسير في تلك المرحلة 82
61 - التفسير في عصر التدوين 82
62 - اقسام التفسير 83
63 - الاتجاه الأثري في التفسير 83
64 - ابن جرير الطبري 84
65 - طريقة الطبري في التفسير 85
66 - الاتجاه اللغوي 86
67 - الاتجاه البياني 88
68 المبحث الثالث: الكلام على تفسير الثعالبي 91
69 1 - مصادر من كتب التفسير 91
70 2 - كتب غريب القران والحديث 94
71 3 - المصادر التي اعتمد عليها من كتب السنة 95
72 4 - كتب الترغيب والترهيب 95
73 5 - كتب في الاحكام الفقهية والأصولية 96
74 6 - كتب الخصائص والشمائل 96
75 8 - في الأسماء والصفات 97
76 9 - ومن كتب التاريخ 97
77 10 - كتب أخرى منثورة 97
78 - منهج الامام الثعالبي في تفسيره 98
79 1 - جمعة بين التفسير بالمأثور والرأي 99
80 2 - تعرضه لمسائل في أصول الدين 100
81 3 - مسائل أصول الفقه في تفسير 101
82 4 - تعرضه لايات الاحكام 102
83 5 - احتجاجه باللغة والمسائل النحوية 103
84 6 - ذكره لأسباب النزول 104
85 7 - ذكره للقراءات الواردة في الآية 105
86 8 - احتجاجه بالشعر 108
87 9 - موقفه من الإسرائيليات 109
88 - وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير الثعالبي 113
89 - نماذج من صور مخطوطات الكتاب 115
90 - مقدمة المؤلف 117
91 - باب في فضل القران 123
92 - باب في فضل تفسير القران واعرابه 135
93 - فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القران والجرأة عليه ومراتب المفسرين 138
94 - فصل: انزل القران على سبعة أحرف 145
95 - فصل في ذكر الألفاظ التي في القران مما للغات العجم بها تعلق 148
96 - باب تفسير أسماء القران وذكر السورة والآية 150
97 - باب في الاستعاذة 154
98 - باب في تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) 156
99 - تفسير فاتحة الكتاب 161
100 - تفسير سورة البقرة 174