تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٣٩٥
فقال له: " إن وسادك لعريض " (1).
واختلف في الحد الذي بتبينه يجب الإمساك، فقال الجمهور، وبه أخذ الناس، ومضت عليه الأمصار والأعصار، ووردت به الأحاديث الصحاح: إنه الفجر المعترض في الأفق يمنة ويسرة، فبطلوع أوله في الأفق يجب الإمساك، وروي عن عثمان بن عفان، وحذيفة بن اليمان، وابن عباس وغيرهم، أن الإمساك يجب بتبين الفجر في الطرق، وعلى رؤوس الجبال (2)، وذكر عن حذيفة، أنه قال: " تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو النهار إلا أن الشمس لم تطلع " (3).
ومن أكل، وهو يشك في الفجر، فعليه القضاء عند مالك.
وقوله سبحانه: (ثم أتموا الصيام إلى الليل) أمر يقتضي الوجوب، و (إلى):
غاية، وإذا كان ما بعدها من جنس ما قبلها، فهو داخل في حكمه، وإذا كان من غير جنسه، لم يدخل في المحدود، والليل: الذي يتم به الصيام: مغيب قرص الشمس فمن أفطر شاكا في غروبها، فالمشهور من المذهب، أن عليه القضاء والكفارة.
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب تعالى: وعزتي، لأنصرنك، ولو بعد حين " رواه الترمذي /، وابن ماجة، وابن حبان

و المذاهب الثمانية الأخيرة ضعيفة كما أشار إلى ذلك الشوكاني، قال رحمه الله: و أنت إذا تتبعت موارد هذه الشريعة المطهرة وجدتها قاضية بجواز تأخير البيان عن وقت الخطاب قضاء ظاهرا واضحا لا ينكره من له أدنى خبرة بها و ممارسة لها.
ينظر: " البحر المحيط " للزركشي (٣ / ٤٩٣)، " البرهان " لإمام الحرمين (١ / ١٦٦)، " الإحكام في أصول الأحكام " للآمدي (٣ / ٢٨)، " نهاية السول " (٢ / ٥٤٠)، " زوائد الأصول " للأسنوي (ص ٣٠٤)، " منهاج العقول " (٢ / ٢٢٠)، " غاية الوصول " للشيخ زكريا الأنصاري (ص ٨٦)، " التحصيل من المحصول " للأرموي (١ / ٤٢٩)، " المنخول " للغزالي (ص ٦٨)، " المستصفى " له (1 / 368)، " حاشية البناني " (2 / 69)، " الآيات البينات " لابن قاسم العبادي (3 / 121)، " حاشية العطار لجمع الجوامع " (2 / 102)، " المعتمد " لأبي الحسين (1 / 314)، " الإحكام في أصول الأحكام " لابن حزم (1 / 81)، " حاشية التفتازاني و الشريف على مختصر المنتهى " (2 / 164)، و ينظر: " كشف الأسرار " (3 / 108)، " المسودة " (181)، " شرح العضد " (2 / 164).
(1) تقدم تخريجه.
(2) أخرجه الطبري (2 / 179) برقم (3002)، و ابن عطية الأندلسي في " المحرر الوجيز " (1 / 258).
(3) أخرجه الطبري (2 / 181) برقم (3019)، و ابن عطية الأندلسي في " المحرر الوجيز " (1 / 258).
(٣٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 ... » »»
الفهرست