الشئ إلا ما شذ، مثل: استغنى الله.
وقال مجاهد وغيره: المعنى: فليجيبوا لي فيما دعوتهم إليه من الإيمان، أي:
بالطاعة، والعمل (1).
فائدة: قال صحاب " غاية المغنم في اسم الله الأعظم " وهو إمام عارف (2) بعلم الحديث، وكتابه هذا يشهد له، قال: ذكر الدينوري (3) في " كتاب المجالسة "، عن ليث بن سليم، أن رجلا وقف على قوم، فقال: من عنده ضيافة هذه الليلة، فسكت القوم، ثم عاد، فقال رجل أعمى: عندي، فذهب به إلى منزله، فعشاه ثم حدثه ساعة، ثم وضع له وضوءا، فقام الرجل في جوف الليل، فتوضأ، وصلى ما قضي له، ثم جعل يدعو، فانتبه الأعمى، وجعل يسمع لدعائه: فقال اللهم، رب الأرواح الفانية، والأجساد البالية، أسألك بطاعة الأرواح الراجعة إلى أجسادها، وبطاعة الأجساد الملتئمة في عروقها، وبطاعة القبور المتشققة عن أهلها، وبدعوتك الصادقة فيهم، وأخذك الحق منهم، وتبريز الخلائق كلهم من مخافتك ينتظرون قضاءك، ويرجون رحمتك، ويخافون عذابك، أسألك أن تجعل النور في بصري، والإخلاص في عملي، وشكرك في قلبي، وذكرك في لساني في الليل والنهار، ما أبقيتني، قال: فحفظ الأعمى هذا الدعاء، ثم قام، فتوضأ، وصلى ركعتين، ودعا به فأصبح قد رد الله عليه بصره. انتهى من " غاية المغنم في اسم الله الأعظم "، وإطلاق الفناء على الأرواح فيه تجوز، والعقيدة أن الأرواح باقية لا تفنى، وإنما عبر عن مفارقتها لأجسادها بالفناء، هذا هو مراده.
وروى ابن المبارك في " رقائقه " بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " إن القلوب أوعية، وبعضها أوعى من بعض، فادعوا الله أيها الناس، حين تدعون، وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل " (4). انتهى.