أن مولاه قدير على ما يريد، قطع رجاءه عن الأغيار، كما قال تعالى عن إبراهيم - عليه السلام -: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع) [إبراهيم: 37] قال أهل الإشارة:
معناه: سهلت طريقهم إليك، وقطعت رجاءهم عن سواك، ثم قال: (ليقيموا الصلاة)، [إبراهيم: 37] أي: شغلتهم بخدمتك، وأنت أولى بهم، (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) [إبراهيم: 37]، أي: إذا احتاجوا شيئا، فذلل عبادك لهم، وأوصل بكرمك رعايتهم إليهم، فإنك على ذلك قدير، وان من لزم بابه أوصل إليه محابه، وكفاه أسبابه، وذلل له كل صعب، وأورده كل سهل عذب من غير قطع شقة، ولا تحمل مشقة انتهى من " التجبير ".
(ألم تعلم أن الله له ملك السماوات و الأرض و ما لكم من دون الله من ولى و لا نصير (107) أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل و من يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل (108)) وقوله تعالى: (ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض...) الآية: الملك السلطان، ونفوذ الأمر، والإرادة، وجمع الضمير في (لكم) دال على أن المراد بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم خطاب أمته.
وقوله تعالى: (أم تريدون أن تسألوا رسولكم...) الآية: قال أبو العالية: إن هذه الآية نزلت حين قال بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: " ليت ذنوبنا جرت مجرى ذنوب بني إسرائيل في تعجيل العقوبة في الدنيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " قد أعطاكم الله خيرا مما أعطى بني إسرائيل "، وتلا: (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) [النساء: 110]، وقال ابن عباس: سببها أ ن رافع بن حريملة اليهودي سأل النبي صلى الله عليه وسلم تفجير عيون، وغير ذلك (1)، وقيل غير هذا، وما سئل موسى - عليه السلام - هو أن يري الله جهرة.
وكنى عن الإعراض عن الإيمان والإقبال على الكفر بالتبدل، و (ضل): أخطأ الطريق، والسواء من / كل شئ الوسط، والمعظم، ومنه، (في سواء الجحيم)