المرء مع ماله، إن قدمه، أحب أن يلحقه، وإن خلفه، أحب التخلف " (1). انتهى.
وقوله تعالى: (إن الله بما تعلمون بصير) خبر في اللفظ، معناه الوعد والوعيد /.
(و قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين (111) بلى من أسلم وجهه لله و هو محسن فله أجره عند ربه و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون (112) و قالت اليهود ليست النصارى على شئ و قالت النصارى ليست اليهود على شئ و هم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (113) و من أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه و سعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي و لهم في الآخرة عذاب عظيم (114) و لله المشرق و المغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم (115)) وقوله تعالى: (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى)، معناه: قال اليهود:
لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقال النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى، فجمع قولهم. ودل تفريق نوعيهم على تفريق قوليهم، وهذا هو الإيجاز واللف.
و (هودا): جمع هائد (2)، ومعناه: التائب الراجع، وكذبهم الله تعالى، وجعل قولهم أمنية، وأمر نبيه - عليه السلام - بدعائهم إلى إظهار البرهان، وهو الدليل الذي يوقع اليقين، وقولهم: " لن " نفي حسنت بعده " بلى "، إذ هي رد بالإيجاب في جواب النفي، حرف مرتجل لذلك، و (أسلم): معناه: استسلم، وخضع، ودان، وخص الوجه بالذكر، لكونه أشرف الأعضاء، وفيه يظهر أثر العز والذل، (وهو محسن): جملة في موضع الحال.
وقوله تعالى: (وقالت اليهود...) الآية: معناه: أنه ادعى كل فريق أنه أحق برحمة الله من الآخر، وسبب الآية أن نصارى نجران اجتمعوا مع يهود المدينة عند النبي صلى اله عليه وسلم فتسابوا، وكفر اليهود بعيسى وبملته، وبالإنجيل، وكفر النصارى بموسى وبالتوراة.
* ع (3) *: وفي هذا من فعلهم كفر كل طائفة بكتابها، لأن الإنجيل يتضمن صدق موسى، وتقرير التوراة، والتوراة تتضمن التبشير بعيسى، وكلاهما يتضمن صدق النبي صلى الله عليه وسلم،