ولذلك قال تعالى: (لن تراني) وهو مخصص بدار الدنيا.
وقال: (لا تدركه الأبصار)، وهو مستغرق لجميع أزمنة الدنيا والآخرة، وعلل بأن الألفاظ تشاكل المعاني ولذلك اختصت لا بزيادة له مدة.
وهذا ألطف من رأى المعتزلة، ولهذا أشار ابن الزملكاني في " التبيان " بقوله:
لا تنفي ما بعد، ولن تنفى ما قرب. وبحسب المذهبين أولوا الآيتين: قوله تعالى: (ولن يتمنوه أبدا ")، (ولا يتمنونه أبدا ").
ووجه القول الثاني أن (لا يتمنونه) إلى جاء بعد الشرط في قوله تعالى: (إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت)، وحرف الشرط يعم كل الأزمنة، فقوبل بلا، ليعمم ما هو جواب له، أي زعموا ذلك في وقت ما قيل لهم: تمنوا الموت، وأما (ولن يتمنوه)، فجاء بعد قوله: (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة ")، أي إن كانت لكم الدار الآخرة فتمنوا الموت الآن، استعجالا للسكون في دار الكرامة التي أعدها الله لأوليائه وأحبائه. وعلى وفق هذا القول جاء قوله (لن تراني).
قلت: والحق أن لا ولن لمجرد النفي عن الأفعال المستقبلة، والتأبيد وعدمه يؤخذان من دليل خارج، ومن احتج على التأبيد بقوله: (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا).
وبقوله: (لن يخلقوا ذبابا ")، عورض بقوله: (فلن أكلم اليوم إنسيا)، ولو كانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم، وبقوله: (ولن يتمنوه ابدا ")، ولو كانت