البرهان - الزركشي - ج ٢ - الصفحة ٤٢٠
في القرآن التأكيد بالخفيفة إلا في موضعين: (وليكونا من الصاغرين)، وقوله تعالى: (لنسفعا " بالناصية).
ولما لم يتجاوز الثلاثة في تأكيد الأسماء فكذلك لم يتجاوزها في تأكيد الأفعال، قال تعالى: (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ")، لم يزد على ثلاثة: مهل، وأمهل، ورويدا، كلها بمعنى واحد، وهن: فعلان واسم فعل.
رابعا ": (لن)، لتأكيد النفي كأن في تأكيد الإثبات، فتقول: لا أبرح، فإذا أردت تأكيد النفي، قلت: لن أبرح.
قال سيبويه: هي جواب لمن قال: سيفعل. يعني والسين للتأكيد فجوابها كذلك.
وقال الزمخشري: (لن) تدل على استغراق النفي في الزمن المستقبل، بخلاف (لا)، وكذا قال في " المفصل ": لن لتأكيد ما تعطيه، لا من نفي المستقبل. وبني على ذلك مذهب الاعتزال في قوله تعالى: (لن تراني) قال: هو دليل عن نفي الرؤية في الدنيا والآخرة، وهذا الاستدلال حكاه إمام الحرمين في " الشامل " عن المعتزلة ورد عليهم بقوله تعالى لليهود: (فتمنوا الموت إن كنتم صادقين. ولن يتمنوه أبدا " ثم أخبر عن عامة الكفرة أنهم يتمنون الآخرة فيقولون: (يا ليتها كانت القاضية)، يعني الموت.
ومنهم من قال: لا تنفي الأبد، ولكن إلى وقت، بخلاف قول المعتزلة، وأن النفي (بلا) أطول من النفي (بلن)، لأن آخرها ألف، وهو حرف يطول فيه النفس، فناسب طول المدة بخلاف لن
(٤٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»
الفهرست