في القرآن التأكيد بالخفيفة إلا في موضعين: (وليكونا من الصاغرين)، وقوله تعالى: (لنسفعا " بالناصية).
ولما لم يتجاوز الثلاثة في تأكيد الأسماء فكذلك لم يتجاوزها في تأكيد الأفعال، قال تعالى: (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ")، لم يزد على ثلاثة: مهل، وأمهل، ورويدا، كلها بمعنى واحد، وهن: فعلان واسم فعل.
رابعا ": (لن)، لتأكيد النفي كأن في تأكيد الإثبات، فتقول: لا أبرح، فإذا أردت تأكيد النفي، قلت: لن أبرح.
قال سيبويه: هي جواب لمن قال: سيفعل. يعني والسين للتأكيد فجوابها كذلك.
وقال الزمخشري: (لن) تدل على استغراق النفي في الزمن المستقبل، بخلاف (لا)، وكذا قال في " المفصل ": لن لتأكيد ما تعطيه، لا من نفي المستقبل. وبني على ذلك مذهب الاعتزال في قوله تعالى: (لن تراني) قال: هو دليل عن نفي الرؤية في الدنيا والآخرة، وهذا الاستدلال حكاه إمام الحرمين في " الشامل " عن المعتزلة ورد عليهم بقوله تعالى لليهود: (فتمنوا الموت إن كنتم صادقين. ولن يتمنوه أبدا " ثم أخبر عن عامة الكفرة أنهم يتمنون الآخرة فيقولون: (يا ليتها كانت القاضية)، يعني الموت.
ومنهم من قال: لا تنفي الأبد، ولكن إلى وقت، بخلاف قول المعتزلة، وأن النفي (بلا) أطول من النفي (بلن)، لأن آخرها ألف، وهو حرف يطول فيه النفس، فناسب طول المدة بخلاف لن