لأهل مكة، وحكمه ذلك أنه يأتي بعد (يا أيها الناس) الأمر بأصل الإيمان، ويأتي بعد (يا أيها الذين آمنوا) الأمر بتفاصيل الشريعة، وإن جاء بعدها الأمر بالإيمان كان من قبيل الأمر بالاستصحاب.
وقوله تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعا " أيه المؤمنون)، قيل: يرد الخطاب بذلك باعتبار الظاهر عند المخاطب، وهم المنافقون، فإنهم كانوا يتظاهرون بالإيمان، كما قال سبحانه: (قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم).
وقد جوز الزمخشري في تفسير سرة المجادلة في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول) أن يكون خطابا " للمنافقين الذين آمنوا بألسنتهم، وأن يكون للمؤمنين.
ومن هذا النوع الخطاب ب (يا أيها النبي) (يا أيها الرسول)، ولهذا تجد الخطاب بالنبي في محل لا يليق به الرسول، وكذا عكسه، كقوله في مقام الأمر بالتشريع العام:
(يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك)، وفي مقام الخاص: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك)، ومثله: (إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين).
وتأمل قوله: (وقد بين يدي الله ورسوله) في مقام الاقتداء بالكتاب والسنة، ثم قال: (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) فكأنه جمع له المقامين:
معنى النبوة والرسالة، تعديدا " للنعم في الحالين.