اللبيب إذا كان الثفل الذي فيه المسك أيش يكون حشو الكأس فيظهر فضل حشو الكأس بفضل الختام، وهذا من التنبيه [الخفي] (1).
وقوله: (الذي باركنا حوله) (2) فنبه على حصول البركة فيه من باب أولى.
واعلم (3) أن هذا النوع البديع ينظر إليه من ستر رقيق، وطريق تحصيله فهم المعنى وتقييده من سياق الكلام، كما في آية التأفيف، فإنا نعلم أن الآية إنما سيقت لاحترام الوالدين وتوقيرهما، ففهمنا منه تحريم الشتم والضرب، ولو لم يفهم المعنى لا يلزم ذلك، لأن الملك الكبير يتصور أن يقول لبعض عبيده: اقتل قرني ولا تقل له: أف، ويكون قصده الأمن عن مزاحمته في الملك، فثبت أن ذلك إنما جاء لفهم المعنى.
فإن قيل: فإذا ابتنى الفهم على تخيل المعنى كان بطريق القياس كما صار إليه الشافعي!
قيل: ما يتأخر من نظم الكلام وما يتقدم فهمه على اللفظ ويقترن به لا يكون قياسا حقيقيا، لأن القياس ما يحتاج فيه إلى استنباط وتأمل، فإن أطلق القائل بأنه قياس اسم القياس عليه وأراد ما ذكرناه فلا مضايقة في التسمية.
فصل [في الحكم على الشئ مقيدا بصفة] وقد (4) عبد يحكم على الشئ مقيدا بصفة، ثم قد يكون ما سكت عنه بخلافه، وقد يكون