وما يستحق به الوعيد بتوجيل القلوب كذلك. وقد اجتمعا في قوله تعالى: (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدى به من يشاء) لأن هؤلاء قد سكنت نفوسهم إلى معتقدهم، ووثقوا به، فانتفى عنهم الشك والارتياب الذي يعرض إن كان كلامهم فيمن أظهر الاسلام تعوذا، فجعل لهم حكمة دون العلم الموجب لثلج الصدور وانتفاء الشك، ونظائره كثيرة.
ومنه قوله تعالى في قصة لوط: (فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد وأمضوا حيث تؤمرون)، فلم يستثن امرأته في هذا الموضوع، وهي مستثناة في في المعنى بقوله في الآية الأخرى: (فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك) فأظهر الاستثناء في هذه الآية.
وكقوله تعالى: (إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما " قال إنا منكم وجلون)، اختصر جوابه لبيانه في موضع آخر: (فقالوا سلاما " قال سلام). وكقوله: (الحر بالحر والعبد بالعبد...) الآية، فإنها نزلت تفسيرا " وبيانا " لمجمل قوله: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس)، لأن هذه لما نزلت لم يفهم مرادها.
وقوله: (حرمت عليكم) هي تفسير لقوله: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء...) الآية.