بالحروف المتنوعة، فلما كان الشعر ذا ميزان يناسب الإيقاع، والإيقاع ضرب من الملاهي لم يصلح ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال: (لست من دد ولا دد منى).
وأما ما حكى عنه صلى الله عليه وسلم من ألفاظ الوزن، فالجواب عنها من وجهين:
أحدهما: أنه لم يقصد بها الشعر، ومن حقيقة الشعر قصده، قال ابن فارس: الشعر كلام موزون مقفى دال على معنى، ويكون أكثر من بيت. لأنه يجوز اتفاق شطر واحد بوزن يشبه وزن الشعر من غير قصد.
والثاني: أنه صلى الله عليه سلم كان إذا أنشد شيئا من ذلك غيره.
فصل في تنزيه الله القرآن عن أن يكون شعرا مع أن الموزون في الكلام رتبته فوق رتبة المنظوم غير الموزون، فإن كل موزون منظوم ولا عكس، وقال تعالى: (وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين)، فأعلم سبحانه أنه نزة القرآن عن نظم الشعر والوزن، لأن القرآن مجمع الحق، ومنبع الصدق، وقصارى أمر الشاعر التحصيل بتصوير الباطل في صورة الحق، والإفراط في الإطراء، والمبالغة في الذم إلى الإيذاء دون إظهار الحق، وإثبات الصدق منه كان بالعرض، ولهذا قال تعالى: (وما هو بقول شاعر)، أي كاذب، ولم يعن أنه