إلا إذا صدر من شاك مصدق بإمكان الاعلام، فإن غير الشاك إذا استفهم يلزم تحصيل الحاصل، وإذا لم يصدق بإمكان الإعلام انتفت فائدة الاستفهام.
وفي الاستفهام فوائد:
الأولى: قال بعض الأئمة: ما جاء على لفظ الاستفهام في القرآن فإنما يقع في خطاب الله تعالى على معنى أن المخاطب عنده علم ذلك الإثبات أو النفي حاصل، فيستفهم عنه نفسه تخبره به، إذ قد وضعه الله عندها، فالاثبات كقوله تعالى: (ومن أصدق من الله حديثا ") والنفي كقوله تعالى: (هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا " مذكورا ") (فهل أنتم مسلمون) (3)، ومعنى ذلك أنه قد حصل لكم العلم بذلك تجدونه عندكم إذا استفهمتم أنفسكم عنه، فإن الرب تعالى لا يستفهم خلقه عن شئ، وإنما يستفهمهم ليقررهم ويذكرهم أنهم قد علموا حق ذلك الشئ، فهذا أسلوب بديع انفرد به خطاب القرآن، وهو في كلام البشر مختلف.
الثانية: الاستفهام إذا بني عليه أمر قبل ذكر الجواب فهم ترتب ذلك الأمر على جوابه، أي جواب كان لأن سبقه على الجواب يشعر بأن ذلك حال من يذكر في الجواب، لئلا يكون إيراده قبله عبثا، فيفيد حينئذ تعميما، نحو (من جاءك فأكرمه) بالنصب، فإنه لما قال قبل ذكر جواب الاستفهام (أكرمه) علم أنه يكرم من يقول المجيب: إنه جاء، أي جاء كان، وكذا حكم (من ذا جاءك أكرمه)، بالجزم.