جاري بيت بيت. ووقع في بعض نسخ مسلم (من وراء من وراء) بإعادة من، وحينئذ لا يجوز البناء على الفتح، وإنما يبني كل واحد منهما على الضم، لأنه قطع عن الإضافة ونوى المضاف كقبل وبعد، وإن لم ينو المضاف أعرب ونون غير أن وراء لا ينصرف، لان ألفه للتأنيث، لأنهم قالوا في تصغيرها وريية، قال الجوهري: وهي شاذة. فعلى هذا يصح الفتح فيهما مع وجود " من " فيهما. والمعنى إني كنت خليلا متأخرا عن غيري.
ويستفاد من هذا أن الخلة لم تصح بكمالها إلا لمن صح له في ذلك اليوم المقام المحمود كما تقدم.
وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون (64) ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون (65) قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم (66) أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون (67) قوله تعالى: (فرجعوا إلى أنفسهم) أي رجع بعضهم إلى بعض رجوع المنقطع عن حجته، المتفطن لصحة حجة خصمه. (فقالوا إنكم أنتم الظالمون) أي بعبادة من لا ينطق بلفظة، ولا يملك لنفسه لحظة، وكيف ينفع عابديه ويدفع عنهم البأس، من لا يرد عن رأسه الفأس.
قوله تعالى: (ثم نكسوا على رؤوسهم) أي عادوا إلى جهلهم وعبادتهم (1) فقالوا:
" لقد علمت ما هؤلاء ينطقون " ف " - قال " قاطعا لما به يهذون، ومفحما لهم فيما يتقولون " أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم. أف لكم " أي النتن لكم " ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون ". وقيل، (نكسوا على رؤوسهم) أي طأطؤا رؤوسهم خجلا من إبراهيم وفيه نظر لأنه لم يقل نكسوا رؤوسهم بفتح الكاف بل قال " نكسوا على رؤوسهم " أي ردوا على ما كانوا عليه في أول الامر وكذا قال ابن عباس قال:
أدركهم الشقاء فعادوا إلى كفرهم.