فيه ثلاث عشرة مسألة:
الأولى - قوله تعالى: (حتى إذا أتيا أهل قرية) في صحيح مسلم عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لئام " فطافا في المجلس (1) ف " - استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدار يريد أن ينقض " يقول: مائل قال: " فأقامه " الخضر بيده قال له موسى: قوم أتيناهم فلم يضيفونا، ولم يطعمونا، " لو شئت لاتخذت عليه أجرا، قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطيع عليه صبرا " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يرحم الله موسى لوددت أنه كان صبر حتى يقص علينا من أخبارهما). الثانية - واختلف العلماء في القرية فقيل: هي أبلة، قاله قتادة، وكذلك قال محمد ابن سيرين، وهي أبخل قرية وأبعدها من السماء. وقيل: أنطاكية وقيل: بجزيرة الأندلس، روي ذلك عن أبي هريرة وغيره، ويذكر أنها الجزيرة الخضراء. وقالت فرقة:
هي باجروان وهي بناحية أذربيجان. وحكى السهيلي وقال: إنها برقة. الثعلبي: هي قرية من قرى الروم يقال لها ناصرة، وإليها تنسب النصارى، وهذا كله بحسب الخلاف في أي ناحية من الأرض كانت قصة موسى. والله أعلم بحقيقة ذلك.
الثالثة - كان موسى عليه السلام حين سقى لبنتي شعيب أحوج منه حين أتى القرية مع الخضر، ولم يسأل قوتا بل سقى ابتداء، وفي القرية سألا القوت، وفي ذلك للعلماء انفصالات كثيرة، منها أن موسى كان في حديث مدين منفردا وفي قصة الخضر تبعا (2) لغيره.
قلت: وعلى هذا المعنى يتمشى قوله في أول الآية لفتاه: " آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا " فأصابه الجوع مراعاة لصاحبه يوشع، والله أعلم.
وقيل: لما كان هذا سفر تأديب وكل إلى تكلف المشقة، وكان ذلك سفر هجرة فوكل إلى العون والنصرة بالقوت (3).
الرابعة - في هذه الآية دليل على سؤال القوت، وأن من جاع وجب عليه أن يطلب ما يرد جوعه خلافا لجهال (4) المتصوفة. والاستطعام سؤال الطعام، والمراد به هنا سؤال الضيافة،