بيده لم يجر له ذكر، فليس بحدث ولا هو ناقص لوضوئه. فإذا قبل الرجل امرأته للذة لم ينتقض وضوءه، وعضدوا هذا بما رواه الدارقطني عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ. قال عروة: فقلت لها من هي إلا أنت؟ فضحكت. وقال مالك: الملامس بالجماع يتيمم، والملامس باليد يتيمم إذا التذ.
فإذا لمسها بغير شهوة فلا وضوء، وبه قال أحمد وإسحاق، وهو مقتضى الآية. وقال علي ابن زياد: وإن كان عليها ثوب كثيف فلا شئ عليه، وإن كان خفيفا فعليه الوضوء.
وقال عبد الملك بن الماجشون: من تعمد مس امرأته بيده لملاعبة فليتوضأ التذ أو لم يلتذ.
قال القاضي أبو الوليد الباجي في المنتقى: والذي تحقق من مذهب مالك وأصحابه أن الوضوء إنما يجب لقصده اللذة دون وجودها، فمن قصد اللذة بلمسه فقد وجب عليه الوضوء، التذ بذلك أو لم يلتذ، وهذا معنى ما في العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم. وأما الانعاظ بمجرده فقد روى ابن نافع عن مالك أنه لا يوجب وضوءا ولا غسل ذكر حتى يكون معه لمس أو مذي. وقال الشيخ أبو إسحاق: من أنعظ إنعاظا انتقض وضوءه، وهذا قول مالك في المدونة. وقال الشافعي: إذا أفضى الرجل بشئ من بدنه إلى بدن المرأة سواء كان باليد أو بغيرها من أعضاء الجسد تعلق نقض الطهر به، وهو قول ابن مسعود وابن عمر والزهري وربيعة. وقال الأوزاعي: إذا كان اللمس باليد نقض الطهر، وإن كان بغير اليد لم ينقضه، لقوله تعالى: (فلمسوه بأيديهم (1)). فهذه خمسة مذاهب أسدها (2) مذهب مالك، وهو مروي عن عمر وابنه عبد الله، وهو قول عبد الله بن مسعود أن الملامسة ما دون الجماع، وأن الوضوء يجب بذلك، وإلى هذا ذهب أكثر الفقهاء. قال ابن العربي: وهو الظاهر من معنى الآية، فإن قوله في أولها: (ولا جنبا) أفاد الجماع، وإن قوله: (أو جاء أحد منكم من الغائط) أفاد الحدث، وإن قوله: (أو لامستم) أفاد اللمس والقبل. فصارت ثلاث جمل لثلاثة أحكام، وهذه غاية في العلم والاعلام. ولو كان المراد باللمس الجماع كان تكرارا في الكلام.