وفي المواضع الجامعة، ذكر تحريمها في حجة الوداع، لاجتماع الناس حتى يسمعه من لم يكن سمعه، فأكد ذلك حتى لا تبقى شبه لاحد يدعي تحليلها، ولأن أهل مكة كانوا يستعملونها كثيرا.
الحادية عشرة - روى الليث بن سعد عن بكير بن الأشج عن عمار مولى الشريد قال:
سألت ابن عباس عن المتعة أسفاح هي أم نكاح؟ قال: لا سفاح ولا نكاح. قلت:
فما هي؟ قال: المتعة كما قال الله تعالى. قلت: هل عليها عدة؟ قال: نعم حيضة. قلت:
يتوارثان، قال: لا. قال أبو عمر: لم يختلف العلماء من السلف والخلف أن المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه، والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق. وقال ابن عطية:
(وكانت المتعة أن يتزوج الرجل المرأة بشاهدين وإذن الولي إلى أجل مسمى، وعلى أن لا ميراث بينهما، ويعطيها ما اتفقا عليه، فإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل ويستبرئ رحمها:
لان الولد لا حق فيه بلا شك، فإن لم تحمل حلت لغيره. وفي كتاب النحاس: في هذا خطأ وأن الولد لا يلحق في نكاح المتعة).
قلت: هذا هو المفهوم من عبارة النحاس، فإنه قال: وإنما المتعة أن يقول لها:
أتزوجك يوما - أو ما أشبه ذلك - على أنه لا عدة عليك ولا ميراث بيننا ولا طلاق ولا شاهد يشهد على ذلك، وهذا هو الزنى بعينه ولم يبح قط في الاسلام، ولذلك قال عمر:
لا أوتى برجل تزوج متعة إلا غيبته تحت الحجارة.
الثانية عشرة - وقد اختلف علماؤنا إذا دخل في نكاح المتعة هل يحد ولا يلحق به الولد أو يدفع الحد للشبهة ويلحق به الولد على قولين، ولكن يعذر (1) ويعاقب. وإذا لحق اليوم الولد في نكاح المتعة في قول بعض العلماء مع القول بتحريمه، فكيف لا يلحق في ذلك الوقت الذي أبيح، فدل على أن نكاح المتعة كان على حكم النكاح الصحيح ويفارقه في الاجل والميراث. وحكى المهدوي عن ابن عباس أن نكاح المتعة كان بلا ولي ولا شهود. وفيما حكاه ضعف، لما ذكرنا. قال ابن العربي: وقد كان ابن عباس يقول بجوازها، ثم ثبت رجوعه