فيه تسع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (ولأضلنهم) أي لأصرفنهم عن طريق الهدى. (ولأمنينهم) أي لأسولن لهم، من التمني، وهذا لا ينحصر إلى واحد من الأمنية، لان كل واحد في نفسه إنما يمنيه بقدر رغبته وقرائن حاله. وقيل: لأمنينهم طول الحياة الخير والتوبة والمعرفة مع الاصرار. (ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام) البتك القطع، ومنه سيف باتك. أي أحملهم على قطع آذان البحيرة والسائبة ونحوه. يقال: بتكه وبتكه، (مخففا ومشددا) وفي يده بتكة أي قطعة، والجمع بتك، قال زهير (1):
* طارت وفي كفه من ريشها بتك * الثانية - قوله تعالى: (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) اللامات كلها للقسم.
واختلف العلماء في هذا التغيير (2) إلى ماذا يرجع، فقالت طائفة: هو الخصاء وفق ء الأعين وقطع الآذان، قال معناه ابن عباس وأنس وعكرمة وأبو صالح. وذلك كله تعذيب للحيوان، وتحريم وتحليل بالطغيان، وقول بغير حجة ولا برهان. والآذان في الانعام جمال ومنفعة، وكذلك غيرها من الأعضاء، فلذلك رأى الشيطان أن يغير [بها (2)] خلق الله تعالى. وفي حديث عياض بن حمار المجاشعي: (وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وأن الشياطين أتتهم فاجتالتهم (3) عن دينهم فحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا وأمرتهم أن يغيروا خلقي).
الحديث، أخرجه القاضي إسماعيل ومسلم أيضا. وروى إسماعيل قال حدثنا أبو الوليد وسليمان ابن حرب قالا حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قشف الهيئة، قال: (هل لك من مال)؟ [قال (2)] قلت: نعم. قال (من أي المال)؟ قلت: من كل المال، من الخيل والإبل والرقيق - قال أبو الوليد:
والغنم - قال: (فإذا آتاك الله مالا فلير عليك أثره) ثم قال: (هل تنتج إبل (4) قومك صحاحا