والحسب: ما عد من مفاخر المرء. ويقال: حسبه دينه. ويقال: ماله، ومنه الحديث:
" الحسب المال والكرم التقوى " رواه سمرة بن جندب، أخرجه ابن ماجة، وهو في الشهاب أيضا. والرجل حسيب، وقد حسب حسابة (بالضم) مثل خطب خطابة. والمعنى في الآية:
أن الله سبحانه سريع الحساب، لا يحتاج إلى عد ولا إلى عقد ولا إلى إعمال فكر كما يفعله الحساب، ولهذا قال وقوله الحق: " وكفى بنا حاسبين " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اللهم منزل الكتاب سريع الحساب " الحديث. فالله عز وجل عالم بما للعباد وعليهم فلا يحتاج إلى تذكر وتأمل، إذا قد علم ما للحاسب وعليه، لان الفائدة في الحساب علم حقيقته. وقيل: سريع المجازاة للعباد بأعمالهم. وقيل: المعنى لا يشغله شأن عن شأن، فيحاسبهم في حالة واحدة، كما قال وقوله الحق: " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة (1).
قال الحسن: حسابه أسرع من لمح البصر، وفى الخبر " إن الله يحاسب في قدر حلب شاة ".
وقيل: هو أنه إذا حاسب واحدا فقد حاسب جميع الخلق. وقيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كيف يحاسب الله العباد في يوم؟ قال كما يرزقهم في يوم! ومعنى الحساب:
تعريف الله عباده مقاديرا الجزاء على أعمالهم، وتذكيره إياهم بما قد نسوه، بدليل قوله تعالى:
" يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه (2) ". وقيل: معنى الآية سريع بمجئ يوم الحساب، فالمقصد بالآية الانذار بيوم القيامة.
قلت: والكل محتمل، فيأخذ العبد لنفسه في تخفيف الحساب عنه بالاعمال الصالحة، وإنما يخف الحساب في الآخرة على من حاسب نفسه في الدنيا.
الثالثة - قال ابن عباس في قوله تعالى: " أولئك لهم نصيب مما كسبوا " هو الرجل يأخذ مالا يحج به عن غيره، فيكون له ثواب. وروي عنه في هذه الآية أن رجلا قال:
يا رسول الله، مات أبي ولم يحج، أفأحج عنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان على أبيك دين فقضيته أما كان ذلك يجزي). قال نعم. قال: (فدين الله أحق أن يقضى).
قال: فهل لي من أجر؟ فأنزل الله تعالى: " أولئك لهم نصيب مما كسبوا " يعني من حج