فوضعهما على الصفا والمروة ليعتبر بهما، فلما طالت المدة عبدا من دون الله، والله تعالى أعلم.
والصفا (مقصور): جمع صفاة، وهي الحجارة الملس. وقيل: الصفا اسم مفرد، وجمعه صفى (بضم الصاد) وأصفاء على مثل أرحاء. قال الراجز (1):
كأن متنيه (2) من النفي * مواقع الطير على الصفي وقيل: من شروط الصفا البياض والصلابة، واشتقاقه من صفا يصفو، أي خلص من التراب والطين. والمروة (واحدة المرو) وهي الحجارة الصغار التي فيها لين. وقد قيل إنها الصلاب. والصحيح أن المرو الحجارة صليبها ورخوها الذي يتشظى وترق حاشيته، وفي هذا يقال: المرو أكثر ويقال في الصليب. قال الشاعر:
وتولى الأرض خفا ذابلا * فإذا ما صادف المرو رضخ وقال أبو ذؤيب:
حتى كأني للحوادث مروة * بصفا المشقر (3) كل يوم تقرع وقد قيل: إنها الحجارة السود. وقيل: حجارة بيض براقة تكون فيها النار.
الثالثة - قوله تعالى: " من شعائر الله " أي من معالمه ومواضع عباداته، وهي جمع شعيرة. والشعائر: المتعبدات التي أشعرها الله تعالى، أي جعلها أعلاما للناس، من الموقف والسعي والنحر. والشعار: العلامة، يقال: أشعر الهدي أعلمه بغرز حديدة في سنامه، من قولك: أشعرت أي أعلمت، وقال الكميت:
نقتلهم جيلا فجيلا تراهم * شعائر قربان بهم يتقرب