الثالثة - قوله تعالى: " وارزق أهله من الثمرات من آمن " تقدم معنى الرزق (1).
والثمرات جمع ثمرة، وقد تقدم (2). " من آمن " بدل من أهل، بدل البعض من الكل.
والايمان: التصديق، وقد تقدم (3). " قال ومن كفر " " من " في قوله " ومن كفر " في موضع نصب، والتقدير وارزق من كفر، ويجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء، وهي شرط والخبر " فأمتعه " وهو الجواب.
واختلف هل هذا القول من الله تعالى أو من إبراهيم عليه السلام؟ فقال أبي بن كعب وابن إسحاق وغيرهما: هو من الله تعالى، وقرءوا " فأمتعه " بضم الهمزة وفتح الميم وتشديد التاء.
" ثم أضطره " بقطع الألف وضم الراء، وكذلك القراء السبعة خلا ابن عامر فإنه سكن الميم وخفف التاء. وحكى أبو إسحاق الزجاج أن في قراءة أبي " فنمتعه قليلا ثم نضطره " بالنون. وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة: هذا القول عن إبراهيم عليه السلام. وقرأوا " فأمتعه " بفتح الهمزة وسكون الميم، " ثم اضطره " بوصل الألف وفتح الراء، فكأن إبراهيم عليه السلام دعا للمؤمنين وعلى الكافرين، وعليه فيكون الضمير في " قال " لإبراهيم، وأعيد " قال " لطول الكلام، أو لخروجه من الدعاء لقوم إلى الدعاء على آخرين. والفاعل في " قال " على قراءة الجماعة اسم الله تعالى، واختاره النحاس، وجعل القراءة بفتح الهمزة وسكون الميم ووصل الألف شاذة، قال: ونسق الكلام والتفسير جميعا يدلان على غيرها، أما نسق الكلام فإن الله تعالى خبر عن إبراهيم عليه السلام أنه قال: " رب اجعل هذا بلدا آمنا " ثم جاء بقوله عز وجل: " وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر " ولم يفصل بينه بقال، ثم قال بعد: " قال ومن كفر " فكان هذا جوابا من الله، ولم يقل بعد: قال إبراهيم. وأما التفسير فقد صح عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب. وهذا لفظ ابن عباس: دعا إبراهيم عليه السلام لمن آمن دون الناس خاصة، فأعلم الله عز وجل أنه يرزق من كفر كما يرزق من آمن، وأنه يمتعه قليلا ثم يضطره إلى عذاب