قوله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين (31) فيه سبع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها) " علم " معناه عرف. وتعليمه هنا إلهام علمه ضرورة. ويحتمل أن يكون بواسطة ملك وهو جبريل عليه السلام على ما يأتي.
وقرئ: " وعلم " غير مسمى الفاعل. والأول أظهر، على ما يأتي. قال علماء الصوفية: علمها بتعليم الحق إياه وحفظها بحفظه عليه ونسي ما عهد إليه، لان وكله فيه إلى نفسه فقال:
" ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما (1) ". [طه: 115]. وقال ابن عطاء: لو لم يكشف لآدم علم تلك الأسماء لكان أعجز من الملائكة في الاخبار عنها. وهذا واضح.
وآدم عليه السلام يكنى أبا البشر. وقيل: أبا محمد، كنى بمحمد خاتم الأنبياء صلوات الله عليهم، قاله السهيلي. وقيل: كنيته في الجنة أبو محمد، وفي الأرض أبو البشر. وأصله بهمزتين، لأنه أفعل إلا أنهم لينوا الثانية، فإذا احتجت إلى تحريكها جعلتها واوا فقلت:
أوادم في الجمع لأنه ليس لها أصل في الياء معروف، فجعلت الغالب عليها الواو، عن الأخفش.
واختلف في اشتقاقه، فقيل: هو مشتق من أدمة الأرض وأديمها وهو وجهها، فسمى بما خلق منه، قال ابن عباس. وقيل: إنه مشتق من الأدمة وهي السمرة. واختلفوا في الأدمة، فزعم الضحاك أنها السمرة، وزعم النضر أنها البياض، وأن آدم عليه السلام كان أبيض، مأخوذ من قولهم: ناقة أدماء، إذا كانت بيضاء. وعلى هذا الاشتقاق جمعه أدم وأوادم، كحمر وأحامر، ولا ينصرف بوجه. وعلى أنه مشتق من الأدمة جمعه آدمون، ويلزم قائلو هذه المقالة صرفه.
قلت: الصحيح أنه مشتق من أديم الأرض. قال سعيد بن جبير: إنما سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض، وإنما سمي إنسانا لأنه نسي، ذكره ابن سعد في الطبقات. وروى