مسألة: إن قال قائل كيف قرأ حمزة: عليهم وإليهم ولديهم، ولم يقرأ من ربهم ولا فيهم ولا جنتيهم؟ فالجواب أن عليهم وإليهم ولديهم الياء فيه منقلبة من ألف، والأصل علاهم ولداهم وإلاهم فأقرت الهاء على ضمتها، وليس ذلك في فيهم ولا من ربهم ولا جنتيهم، ووافقه الكسائي في " عليهم الذلة " و " إليهم اثنين " على ما هو معروف من القراءة عنهما.
قوله تعالى: إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (6) لما ذكر المؤمنين وأحوالهم ذكر الكافرين ومآلهم. والكفر ضد الايمان وهو المراد في الآية. وقد يكون بمعنى جحود النعمة والاحسان، ومنه قوله عليه السلام في النساء في حديث الكسوف: (ورأيت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع ورأيت أكثر أهلها النساء) قيل: بم يا رسول الله؟ قال: (بكفرهن)، قيل أيكفرن بالله؟ قال: (يكفرن العشير ويكفرن الاحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط) أخرجه البخاري وغيره.
وأصل الكفر في كلام العرب: الستر والتغطية، ومنه قول الشاعر:
* في ليلة كفر النجوم غمامها * أي سترها. ومنه سمي الليل كافرا، لأنه يغطي كل شئ بسواده، قال الشاعر: (1) فتذكرا ثقلا رثيدا بعدما * ألقت ذكاء يمينها في كافر ذكاء (بضم الذال والمد): اسم للشمس، ومنه قول الآخر:
فوردت قبل انبلاج الفجر * وابن ذكاء كامن في كفر أي في ليل. والكافر أيضا: البحر والنهر العظيم. والكافر: الزارع، والجمع كفار، قال الله تعالى: " كمثل غيث أعجب الكفار نباته (2) " [الحديد: 20]. يعني الزراع لأنهم يغطون الحب. ورماد